ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />
الطبيعي موجودة؛ إذ نبدأ بعدد هائل من الخلايا العصبية، وتلك يمكن أن تتشابك بملايني<br />
الطرق املختلفة لتحقيق نفس النتائج. وتتفاوت الخلايا العصبية فيما بينها ويمكن إما<br />
أن تنمو وتقوى وإما أن تنتهي وتذوي. ويحدث تنافس بني الخلايا العصبية لتكوين<br />
وصلات تشابكية والبقاء التفاضلي على أساس النجاح؛ إذ تكو ِّن «أنسب» مجموعات<br />
الخلايا العصبية وأنفعها أكثر الوصلات التشابكية. وقد اشتهر عن فرانسيس كريك أنه<br />
قال متندرًا إنه يفضل أن يسمي العملية كلها «الإديلمانية العصبية»؛ إذ إن التوازي بني<br />
الانتقاء الطبيعي وتطور املخ مصطنع بعض الشيء. إلا أن علماء الأعصاب صاروا اليوم<br />
متقبلني للفكرة الأساسية على نطاق واسع.<br />
ولقد قد َّمَ إديلمان مساهمة ثانية مهمة في الأساس العصبي للوعي؛ وهي فكرة<br />
الدوائر العصبية املترددة، أو ما أسماها إديلمان «الإشارات املتوازية الراجعة من جديد»<br />
(وهي تسمية غري موف َّقة إلى حد ٍّ ما). يقصد إديلمان بهذه التسمية أن الخلايا العصبية<br />
التي تطلق نبضاتها في منطقة ما ترتبط بخلايا عصبية أخرى في مناطق بعيدة، وهذه<br />
ترد النبضات من خلال وصلات أخرى لتكون دائرة عصبية عابرة متناغمة، وبعدها<br />
تقوم املدخلات الحسية املتنافسة بتبديد تجميعة الخلايا العصبية وتستبدل بها واحدة<br />
أخرى سريعة الزوال، تعاود العملية في انسجام. هنا تنسجم أفكار إديلمان بجلاء مع<br />
أفكار كريك وكوخ وكذلك وولف سنجر (وإن كان من الواجب القول إن املرء يجب أن<br />
يقرأ ما بني السطور لكي يتوصل إلى أوجه التشارك بينهم، فنادرًا ما وجدت مجالاً يعمد<br />
فيه رواده إلى عدم ذكر بعضهم بعضً ا للإحالة واملراجعة مثل هذا املجال، بل ويندر حتى<br />
أن يُقْدِم البعض منهم على شجب الأفكار غري املوفقة لخصومهم أو انتقادها).<br />
يعمل الوعي على نطاق يتراوح من عشرات إلى مئات من امللي ثانية. 7 فإذا عُرِضَ تْ<br />
صورتان أمام الإنسان لحظيٍّا، بينهما زمن مقداره ٤٠ ملي ثانية، فلن يدرك على نحوٍ<br />
واعٍ إلا الصورة الثانية فقط، ولن يرى الصورة الأولى. إلا أن استخدام التنبيه بالأقطاب<br />
الدقيقة ووسائل املسح التصويري للمخ (مثل الرنني املغناطيسي الوظيفي) يظهر أن<br />
املراكز البصرية في املخ تلتقط الصورة الأولى بالفعل، لكنها لا تعيها مطلقًا. ولكي يحدث<br />
الوعي، يبدو على الأرجح أنه يجب على أي مجموعة عصبية أن يتذبذب أفرادها معًا<br />
لعشرات وربما مئات من امللي ثانية؛ وهو ما يعود بنا مجددًا إلى ما ذكره سنجر عن<br />
ذبذبات ال ٤٠ هرتز. ولقد أظهر كل ٌّ من سنجر وإديلمان أن املناطق البعيدة باملخ<br />
تتذبذب بالفعل في تزامن بهذه الكيفية؛ فهي تكو ِّن دائرة مغلقة معًا وهو ما يُسم َّى<br />
296