ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />
أفاد موساكيو، فإن هناك نقطة تأتي دائمًا نُضطَر عندها أن نقول: «هل تعرف ما<br />
أعنيه؟» ولأننا نتشارك في نفس التراكيب واملشاعر العصبية، فإن اللغات تكون مستقرة<br />
في خبرتنا البشرية املشتركة. واللغة بدون شعور تكون مجردة من املعنى، ولكن املشاعر<br />
تكون موجودة، ويكون املعنى موجودًا بدون أي لغة لفظية، كوعي أساسي لعواطف<br />
صامتة وإدراكات بلا كلمات.<br />
كل هذا يعني أنه مع أن املشاعر قد تتول َّد عن الخلايا العصبية، فإننا لن ندنو<br />
منها من خلال الفحص النفسي الذاتي أو املنطق — أو من خلال الفلسفة أو النظرية<br />
اللاهوتية، وإنما بالتجربة فقط. ومن الناحية الأخرى، فإن الحقيقة القائلة إن الوعي<br />
مستقر في املشاعر والدوافع واملنفرات تعني أننا يمكن أن نصل إلى جذور الوعي دون<br />
الحاجة للتواصل لفظيٍّا مع الحيوانات الأخرى؛ فإننا نحتاج فقط لاختبارات تجريبية<br />
بارعة. وهذا بدوره يعني أننا يجب أن نكون قادرين على دراسة التحو ُّل العصبي<br />
الحاسم، من الإطلاق العصبي إلى الشعور لدى الحيوانات، حتى البسيط منها؛ إذ تدل<br />
كل الإشارات على أن العواطف الأولية واسعة الانتشار في الفقاريات.<br />
من الأمور التي توحي بقوة بأن الوعي أكثر انتشارًا مما نَمِ يل لتصديقه هو بقاء<br />
بعض الأطفال على قيد <strong>الحياة</strong> وتمتعهم بوعي ظاهري بالرغم من مولدهم بدون القشرة<br />
املخية املهمة للإنسان (انظر الشكل 1-9). إذ يمكن أن تؤدي حالة سكتة دماغية<br />
صغرية، أو شذوذ تطوري مماثل، إلى إعادة امتصاص أجزاء كبرية من كلتا القشرتني<br />
املخيتني أثناء الحمل. وليس من العجيب أن يُولَد أولئك الأطفال وهم يعانون إعاقات<br />
كثرية، ومحرومون من الكلام بلغة ما ومن الإبصار الجي ِّد، ولكن كما يقول عالم الأعصاب<br />
السويدي بيورن مريكر، فبالرغم من غياب كل مناطق املخ تقريبًا التي نعتبرها معنية<br />
بالوعي في الحالة الطبيعية، فإن أولئك الأطفال يكونون قادرين على السلوك العاطفي<br />
والضحك والبكاء بشكل معقول، ويُظهرون علامات على التعبري الإنساني الأصلي (انظر<br />
الشكل 2-9). ذكرتُ آنفًا أن الكثري من املراكز العاطفية في املخ تقع في الأجزاء الأكثر<br />
قدمًا من املخ؛ وهي جذع املخ والدماغ الأوسط، التي تتشارك فيها جميع الفقاريات<br />
تقريبًا. ولقد أظهر ديريك دنتون، من خلال املسح التصويري بالرنني املغناطيسي أن<br />
تلك املناطق القديمة تتوسط في توصيل خبرة العواطف الأولية مثل العطش والخوف من<br />
الاختناق. وربما كان الحال أن جذور الوعي لا تُوجَد في القشرة املخية العصرية مطلقًا،<br />
التي بطبيعة الحال تطور الوعي وتتوسع فيه بغزارة وتختص بالذكاء البشري الراقي،<br />
306