ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
التكاثر الجنسي<br />
الناس؛ لكي تؤدي نظرية كوندراشوف مهمتها، يجب أن تحدث واحدة أو أكثر من<br />
الطفرات الضارة في كل شخص من كل جيل. والافتراض الثاني هو أن أغلب الكائنات<br />
تكون مقاومة — تقريبًا — لتأثريات الطفرات املفردة؛ فإننا لا نبدأ فعلاً في التدهور في<br />
مستوى الكفاءة واللياقة إلا حينما نَرِث عددًا كبريًا من الطفرات في نفس الوقت. وقد<br />
يحدث هذا، على سبيل املثال، إذا كان الجسم يتمت َّع بفائض ما. ومثلما يمكن أن يحدث<br />
للبعض منا إذا فَقَدَ إحدى كليتيه، أو إحدى رئتيه، أو إحدى عينيه (إذ يستمر العضو<br />
السليم في أداء وظيفته لصالح الجسم)، فعلى مستوى الجينات كذلك تُوجَد درجة من<br />
التراكب في الوظيفة؛ إذ يمكن أن يؤد ِّي أكثر من جني واحد نفس الشيء، وهو ما يُخف ِّف<br />
العبء والضرر عن الجسم ككل ٍّ ضد التلف الشديد. وإذا كان من الصحيح حقٍّا أن<br />
الجينات يمكن أن يؤد ِّي بعضها مهام بعضٍ بهذه الطريقة، فإن حدوث طفرة واحدة<br />
لن يكون كارثيٍّا، وبهذا يمكن أن تكون نظرية كوندراشوف فع َّالة.<br />
كيف يفيدنا هذان الافتراضان؟ أما عن الافتراض الأول — وهو ارتفاع معدل<br />
التطافر — فيعني أن املجتمعات املستنسخة لن تكون أبدًا في أمان من سقاطة مولر،<br />
بل ستتعرض لا محالة للبلى والانحلال، وستعاني في نهاية الأمر من حالة «انفجار في<br />
الطفرات». وأما الافتراض الثاني فأبرع من ذلك؛ إذ يعني أن التكاثر الجنسي بإمكانه<br />
أن يتخل َّص من أكثر من طفرة واحدة في الحال. وقد عَقَد مارك ريدلي قياسً ا رائعًا، شب َّهَ<br />
فيها الاستنساخ والتكاثر الجنسي بالعهدين القديم والجديد من الإنجيل، على الترتيب. إذ<br />
قال إن الطفرات هي مثل الخطيئة؛ فإذا وصل معدل التطافر إلى طفرة واحدة لكل جيل<br />
(وهذا يقابل القول إن كل ابن آدم خطاء)؛ فحينئذٍ يكون السبيل الوحيد للخلاص من<br />
الخطيئة في مجتمع استنساخي هو أن تمحو املجتمع كله تمامًا بأن تغرقه بالطوفان، أو<br />
تحرقه بالنار والكبريت، أو يتفشى َّ فيه الطاعون. وعلى العكس من هذا، يمكن أن تكد ِّس<br />
الكائنات الجنسية عددًا من الطفرات بدون أضرار (وصولاً إلى نقطة اللاعودة)؛ ومن ثم<br />
فإن التكاثر الجنسي لديه القدرة على تجميع عدد كبري من الطفرات في كل ٍّ من الأبوين<br />
السليمني، وأن يركزها كلها في طفل واحد. وهذا ما يمكن تسميته طريقة العهد الجديد؛<br />
إذ يقول ريدلي إن املسيح تعذ َّب وتعر َّض للقتل؛ لأنه كان يجمع أوزار البشر، وكذلك<br />
التكاثر الجنسي؛ إذ يمكن أن يضم الطفرات املتراكمة ملجتمعٍ ما معًا في كبش فداء واحد،<br />
ثم يذبحه.<br />
163