24.11.2015 Views

ارتقاء الحياة

40524903

40524903

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />

وهكذا نجد أن أسرع الذبذبات تربط معًا الأوجه املنفصلة من املشهد البصري،‏ والروائح،‏<br />

والذاكرة،‏ والعواطف … إلخ.‏ وكل ٌّ منها كوحدات مستقلة،‏ بينما تربط الذبذبات الأبطأ<br />

معًا جميع املعلومات الحسية والجسمانية في كل ٍّ موح َّد ‏(وهي خريطة الرتبة الثانية<br />

لداماسيو)،‏ وتُعتبرَ‏ هذه لحظة في تدف ُّق الوعي.‏<br />

لم يثبت من هذا بما لا يَدَع مجالاً‏ للشك إلا القليل،‏ ولكن هناك الكثري من الأدلة<br />

التي تتناغم على الأقل مع هذه الصورة.‏ والأهم من هذا أن هذه الأفكار تصنع تنبؤات<br />

يمكن اختبارها،‏ مثل فكرة أن ذبذبات ال ٤٠ هرتز ضرورية لربط محتويات الوعي،‏ وعلى<br />

العكس من هذا،‏ فإن فقدان هذه الذبذبات يعادل فقدان الوعي.‏ وإذا وضعنا في الاعتبار<br />

صعوبة إجراء هذه القياسات ‏(التي تتطلب قياس معدلات إطلاق النبضات من آلاف من<br />

أفراد الخلايا العصبية عَبرْ‏ َ املخ في وقت واحد)‏ فقد تمر سنوات قبل أن يتم إثبات هذه<br />

الفرضيات أو غريها.‏<br />

وحتى في هذه الحالة تساعد هذه املفاهيم،‏ بوصفها إطارًا تفسرييٍّا،‏ على جعل<br />

الوعي مفهومًا.‏ فهي تظهر على سبيل املثال كيف يمكن أن ينشأ الوعي املمتد من الوعي<br />

الأولي؛ إذ يعمل الوعي الأولي في الزمن الحاضر،‏ معيدًا بناء نفسه لحظة بلحظة،‏ واضعًا<br />

تصورٍّا لكيفية تعديل النفس بالاستعانة بأشياء خارجية،‏ وكاسيًا الإدراكات بثوب من<br />

املشاعر والأحاسيس.‏ يستخدم الوعي املمتد الآليات عينها،‏ ولكنه يربط الذكريات واللغة<br />

بكل لحظة من الوعي الأساسي،‏ مطابقً‏ ا بني املعنى العاطفي واملاضي الذاتي الشخصي،‏<br />

وواصفًا املشاعر والأشياء بالكلمات … إلخ.‏ ومن ثم،‏ ينبني الوعي املمتد على أساس<br />

املعنى العاطفي،‏ مدمجًا الذاكرة واللغة واملاضي واملستقبل في منظومة الزمان واملكان<br />

الحاضرين للوعي الأساسي.‏ وتسمح آليات التصافح العصبي ذاتها لامتدادات شاسعة<br />

من الدوائر املتوازية بأن ترتبط من أجل تكوين لحظة واحدة من الوعي.‏<br />

أَجِ‏ دُ‏ كل َّ هذا قابلاً‏ للتصديق.‏ ولكن يبقى أعمق التساؤلات بدون إجابة؛ وهو:‏ كيف<br />

تول ِّد الخلايا العصبية الشعور في املقام الأول؟ فإذا كان الوعي هو القدرة على الشعور<br />

بشعور ما،‏ وتوليد معنى عاطفي دقيق كتعليق مستمر على الذات في هذا العالم،‏ فإن<br />

الصرح بأكمله يرتكز على الشعور؛ وهو ما يُسم ِّيه الفلاسفة مشكلة الخبرات الواعية<br />

الذاتية.‏ وقد حان الوقت ملواجهة املعضلة مواجهة مباشرة.‏<br />

إن الألم يوجع لحكمة وسبب.‏ وقليل من الناس هم الذين يُولَدون محرومني خلقيٍّا من<br />

نعمة الإحساس بالألم.‏ وهم يعانون أضرارًا فظيعة،‏ وغالبًا ما تكون غري متوقعة.‏ من<br />

298

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!