ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />
إذ يصري من العسري تجن ُّب الاندماج. فكثري من حقيقيات النوى البسيطة، مثل العفن<br />
الغروي والفطريات، تندمج خلاياها معًا لتكو ِّن خلايا عملاقة عديدة النوى. وتتكون<br />
شبكات مفككة من الخلايا يُسم َّى كل ٌّ منها «مدمج خلوي» بانتظام كجزء من دورات<br />
<strong>الحياة</strong> حقيقية النوى البدائية. وتستفيد الجينات القافزة املتطفلة، وكذلك امليتوكوندريا،<br />
من اندماج الخلايا معًا؛ إذ يمكنها حينئذٍ أن تصل إلى عوائل جديدة. ولقد تبني َّ َ وجود<br />
عوامل عدة تحث على الاندماج الخلوي. وفي هذا السياق، قد تكون املشكلة الأصعب هي<br />
استحداث طرق ملنع الاندماج الخلوي. ومن ثم نقول إن أول متطلبات التكاثر الجنسي،<br />
وهو الاندماج الخلوي، لم يكن — تقريبًا — يُمث ِّل مشكلة.<br />
أما فصل الكروموسومات، فيبدو للوهلة الأولى أكثر إثارةً للتحد ِّي. ولتتذكر أن<br />
الانقسام الاختزالي هو بمنزلة رقصة معق َّدة للكروموسومات التي تبدأ بشكل غري متوقع؛<br />
إذ يحدث تضاعف في عدد الكروموسومات قبل أن تنفصل إلى أربع خلايا وليدة. فلماذا<br />
نصِ فُ الانقسام الاختزالي بأنه معق َّد؟ في الواقع إنه ليس كذلك تمامًا؛ فمن املفترض<br />
بصفة عامة أنه ليس أكثر من عملية تعديل لطريقة الانقسام الخلوي املوجودة والعادية<br />
التي نعرفها باسم الانقسام الفتيلي (غري املباشر)، التي تبدأ أيضً ا بمضاعفة عدد<br />
الكروموسومات. ويُرج َّح أن يكون الانقسام الفتيلي قد نشأ عن طريق تتابع بسيط<br />
للخطوات التي تحدث في عملية الانقسام الخلوي البكتريي، حسبما قال توم كافالري<br />
سميث، الذي استطرد في قوله؛ فأشار إلى أنه لا يُوجَد سوى تغيري أساسي ضروري واحد<br />
فقط لتحويل الانقسام الفتيلي إلى صورة بدائية من الانقسام الاختزالي، وهو أن يحدث<br />
إخفاق في هضم كل مقدار «الغراء» (املتكو ِّن من مواد بروتينية تُسم َّى كوهيسني) الذي<br />
يربط الكروموسومات معًا. فبدلاً من أن تدخل الخلية في دورة أخرى من التضاعف<br />
الخلوي، ملضاعفة الكروموسومات مجددًا، فإن الخلية تتوقف لبرهة، ثم تعاود العمل<br />
ولكن في فصل الكروموسومات. وفي الواقع، إن الغراء املتبقي يُربِك الخلية ويجعلها تظن<br />
أنها يجري تمهيدها للجولة التالية من الفصل الكروموسومي قبل أن تتم الجولة الأولى.<br />
ويكون نتاج هذا هو خفض عدد الكروموسومات، الذي افترضه كافالري سميث،<br />
والذي هو في الحقيقة الفائدة الأساسية للانقسام الاختزالي في املقام الأول. ولو لم تقدر<br />
أوائل الخلايا حقيقية النوى على التوق ُّف عن الاندماج معًا لتشكيل شبكات خلوية بها<br />
كروموسومات متعددة (كما لا يزال يحدث اليوم في العفن الغروي) لكان من الضروري<br />
أن يحدث شكلٌ ما من الانقسام الاختزالي لتجديد الخلايا البسيطة بمجموعة واحدة من<br />
176