ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />
وكانت الصخور املنصهرة تتفجر وتلتوي، وجعلت البراكني للعالم السفلي وجودًا دائمًا<br />
على السطح. كان عاملًا يخلو من التوازن، عاملًا من النشاط الذي لا يهدأ، كوكبًا وليدًا<br />
محمومًا.<br />
كان هذا هو العالم الذي ظهرت عليه <strong>الحياة</strong> منذ ٣٨٠٠ مليون عام خلَتْ ، ربما<br />
بفعل الاضطراب املتواصل للكوكب ذاته. نحن نعلم هذا بفضل قليل من الصخور الدقيقة<br />
التي أتتنا من ذلك العهد الغابر واجتازت دهورًا طويلةً من الاضطراب حتى وقتنا هذا.<br />
داخل هذه الصخور تقبع أصغر آثار الكربون، التي تحمل في تركيبها الذري طابع <strong>الحياة</strong><br />
الذي لا يمكن لأحد أن يخطئه. قد يُعَد ُّ ذلك دليلاً واهيًا على زعم هائل، ولا يُوجَد إجماع<br />
بني الخبراء على هذا الأمر. لكن إذا اجتزنا بضع حِ قَبٍ زمنية فسنَجِ د أنه بحلول ٣٤٠٠<br />
مليون عام مضَ تْ ، تصري علامات <strong>الحياة</strong> جلية أيما جلاء. كان العالم يجيش بالبكترييا<br />
وقتها؛ بكترييا خلفت علاماتها ليس فقط على صورة آثار من الكربون، بل أيضً ا داخل<br />
الحفريات الدقيقة ذات الأشكال املتنوعة وداخل صروح <strong>الحياة</strong> البكتريية؛ ونقصد بهذا<br />
الرقائق الكلسية الطحلبية التي قد يصل ارتفاعها إلى املتر. هيمنت البكترييا على كوكبنا<br />
لنحو ٢٥٠٠ مليون عام أخرى إلى أن ظهرت أولى الكائنات املعقدة في سجل الحفريات.<br />
يقول البعض إن البكترييا لا تزال املهيمنة؛ إذ إن بريق النباتات والحيوانات لا يضاهي<br />
البكترييا في حجم الكتلة الحيوية.<br />
ما السمات التي وُجِ دَتْ في الأرض املبكرة وبثت <strong>الحياة</strong> للمرة الأولى في العناصر غري<br />
العضوية؟ أنحن متفردون، أم نادرون للغاية، أم أن كوكبنا ليس أكثر من أحد مليارات<br />
الكواكب الحاضنة للحياة واملتناثرة في أرجاء الكون؟ وفق املبدأ الإنساني لا يهم هذا الأمر؛<br />
فإذا كانت احتمالية وجود <strong>الحياة</strong> في الكون تبلغ واحدًا من مليون مليار، فثمة فرصة إذن<br />
أن تظهر <strong>الحياة</strong> على كوكب واحد في مكان ما من كل مليون مليار كوكب. ولأننا وجدنا<br />
أنفسنا على كوكب يستضيف <strong>الحياة</strong>، فمن البديهي أننا نعيش على كوكب من الكواكب<br />
الصالحة للحياة. وبغض النظر عن الندرة الشديدة لفرص وجود <strong>الحياة</strong>، ففي الكون غري<br />
املحدود تُوجَد دومًا احتمالية ظهور <strong>الحياة</strong> على أحد الكواكب، ومن املؤكد أننا نعيش على<br />
أحد هذه الكواكب التي ظهرت عليها <strong>الحياة</strong>.<br />
إذا كنت ممن لا يقنعون كثريًا بالإحصائيات — شأني — فإليك إجابة أخرى غري<br />
مُرْضِ يةٍ طَرَحَها عددٌ من كبار العلماء؛ على غرار فريد هويل وبعده فرانسيس كريك.<br />
تقضي هذه الإجابة بأن <strong>الحياة</strong> بدأت في مكان آخر ثم انتقلت إلى كوكبنا، إما بمحض<br />
26