ارتقاء الحياة
40524903
40524903
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
الدم الحار<br />
حواجز فاصلة حملت في داخلها سر النجاح، وهي القدرة الكامنة الغامضة على التحو ُّل<br />
إلى الرئات الرائعة ذات التدف ُّق املستمر للهواء باتجاه واحد؛ التي تتمي َّز بها الطيور.<br />
وكانت الثريوبودات هي الحيوانات الحية الوحيدة التي لم تحتج للهاث طوال الوقت، ولم<br />
تكن لها حاجة ماسة للمحارات التنفسية.<br />
ومن ثم، لم تكن القدرة على التحم ُّل شيئًا زائدًا لا لزوم له، بل كانت منقذة للحياة<br />
أو بمنزلة تذكرة يانصيب رابحة للنجاة في أوقات الكوارث. ولكن تُوجَد هنا نقطة أختلف<br />
عندها مع وارد على مضض؛ فأنا أتفق معه في أن القدرة الهوائية العالية لا بد أنها كانت<br />
مهمة للنجاة والبقاء، ولكن هل أدت حقٍّا إلى ارتفاع في سرعة الأيض عند الراحة أيضً ا؟<br />
إن وارد يفترض هذا (بذكره لفرضية القدرة الهوائية)، ولكن ليس هذا ما يحدث اليوم؛<br />
حيث تعيش الحيوانات في الأماكن العالية. بل على العكس؛ إذ تميل الكتلة العضلية لديها<br />
للضمور، وتتفو َّق الأجسام النحيلة. ربما تكون القدرة الهوائية عالية، ولكن لا ترتفع<br />
سرعة الأيض عند الراحة بشكل يتسق معها، بل ربما تنخفض. إن فسيولوجية الجسم<br />
بصفة عامة تكون شحيحة في الأوقات الصعبة، وليست مسرفة على الإطلاق.<br />
وبالعودة إلى العصر الترياسي، حني كانت النجاة أمرًا عزيزًا، هل رفعت الحيوانات<br />
حقٍّا سرعة الأيض عند الراحة لديها بغري ضرورة؟ إن هذا يبدو منافيًا للبديهة على أقل<br />
تقدير. ويبدو أن الثريوبودات قد ارتفعت لديها القدرة الهوائية دون الحاجة لأن تصري<br />
من ذوات الدم الحار بالكامل؛ في بادئ الأمر على الأقل. إلا أن السينودونتات املنقرضة<br />
صارت — على ما يظهر — من ذوات الدم الحار. فهل حَدَثَ لها هذا بهدف التنافس<br />
— مع قلة الأمل في النجاح — مع الأركوصورات املخيفة؟ أم هل ساعَدَها هذا على البقاء<br />
في حالة نشاط بالرغم من انكماشها في الحجم وتكي ُّفها للمعيشة الليلية؟ كلا الأمرين<br />
يُعَد َّان احتمالني معقولني تمامًا، ولكن هناك إجابة أخرى أُفض ِّ لها شخصيٍّا؛ وهي إجابة<br />
قد تُلقي بعض الضوء ملعرفة السبب في أن الديناصورات حَدَثَ لها العكس تمامًا؛ إذ<br />
ازدهرت وصارت عملاقة بشكل لم يعرف له العالم مثيلاً بعدها.<br />
من واقع خبرتي أَجِ دُ أن َّ الأشخاص النباتيني لديهم مَيْل للن ُّبل والطهارة أكثر مني، أو<br />
ربما كان هذا مجرد إحساس لدي َّ بالذنب لأنني آكل اللحوم. ولكن وفق دراسة مهمة<br />
نُشرِ َتْ في مجلة مغمورة نوعًا ما تُسم َّى «إيكولوجي ليترز» في عام ٢٠٠٨، فإن النباتيني<br />
لديهم الكثري ليتفاخروا به أكثر مما أضفت عليهم من فضل وشرف. فلولا النباتيون، أو<br />
273