ارتقاء الحياة
40524903
40524903
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />
الجينات هي التي تحدد الوظيفة، فغالبًا جدٍّا ما يتم هذا عن طريق تحديد شكل البروتني،<br />
من خلال قواعد الطي أو الانثناء التي لا تزال لا يُعرَف عنها إلا القليل. ونتيجة لذلك،<br />
يمكن أن تنجرف التسلسلات الجينية املختلفة بعيدًا لدرجة تجعلها لا يحمل بعضها<br />
لبعض أي تماثل، كما في حالة امليوسينات والكينيزينات. إلا أن املوسيقى الأكثر عمقًا<br />
للكرات البروتينية ظلت باقية، وقد كشفت عنها تقنية التصوير البلوري.<br />
وهكذا، على أساس التصوير البلوري، نعرف أن امليوسينات والكينيزينات تتشارك<br />
بالفعل في سلف مشترك، بالرغم من عدم تشاركهما في التسلسل الجيني إلا بالنزر<br />
اليسري. وتُظهر أشكالها ثلاثية الأبعاد نقاطًا كثرية مشتركة من الانثناء والبنية، وصولاً<br />
إلى مستوى الأحماض الأمينية الحيوية املحفوظة في مواضعها في نفس الاتجاه، وهذا عمل<br />
فذ من أعمال الانتقاء يثري الدهشة؛ إذ تَم َّ حفظها بنفس الأنماط ونفس الأشكال، وفي نفس<br />
املواضع على مستوى ذري ملليارات السنني، بالرغم من تعر ُّض مادتها، بل وتسلسلاتها<br />
الجينية، للتآكل بمرور الزمن. وتظهر هذه الأشكال أن كلاٍّ من امليوسينات والكينيزينات<br />
مرتبط بعائلة أكبر من البروتينات لديها أسلاف بكتريية واضحة. 8 وقد مارست هذه<br />
الأسلاف (ولا تزال تمارس) وظائف تضمنت شكلاً ما من الحركة وبذل الجهد والتحول<br />
عن أحد التوافقات إلى آخر، على سبيل املثال، ولكنها جميعًا لم تكن قادرة على الحركة<br />
الحقيقية. ويُظهر لنا التصوير البلوري الهيكلَ الداخلي للبنية البروتينية بنفس الطريقة<br />
التي تُظهر بها الأشعة السينية عند فحص جناح طائر ما هيكلَه العظمي. وكما تنم<br />
التراكيب العظمية واملفاصل عن أصول أجنحة الطيور، التي نشأت عن أطراف الزواحف<br />
غري القادرة على الطريان، فإن بنى البروتينات الحركية مشتقة من بروتينات قديمة كانت<br />
قادرة على التغري ُّ التوافقي ولكن ليس على الحركة الحقيقية.<br />
لقد منحتنا تقنية التصوير البلوري اكتشافات مبهرة بشأن نشأة وتطور الهيكل<br />
الخلوي أيضً ا؛ تلك الأسلاك العالية املحلقة من الأكتني والتيوبيولني. وقد يسأل البعض:<br />
ملاذا تنشأ لدى خلية ما شبكة من الأسلاك العالية ومسارات سريعة للبروتينات الحركية في<br />
غياب تلك البروتينات الحركية نفسها؟ ألا يكون هذا بمنزلة وضع للعربة أمام الحصان؟<br />
والإجابة: إن هذا لا يكون صحيحًا إذا كان الهيكل الخلوي قي ِّمًا في حد ِّ ذاته. وتكمن<br />
قيمته في خصائصه البنيوية. يتم الحفاظ على أشكال جميع الخلايا حقيقية النوى — من<br />
الخلايا العصبية الطويلة واملغزلية إلى الخلايا الطلائية املسطحة — بفضل ألياف الهيكل<br />
الخلوي، وقد تبني َّ أن الكثري من هذا ينطبق أيضً ا على البكترييا. على مدى أجيال سابقة<br />
204