24.11.2015 Views

ارتقاء الحياة

40524903

40524903

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />

أن يُفسر ِّ حقيقة أنهما تشتركان في نفس الشفرة الجينية،‏ فضلاً‏ عن تفاصيل كثرية في<br />

تخليق البروتينات.‏ ولكن يبدو أنهما لم تتعلما أن تُضاعِ‏ فا الدي إن إيه الذي لديهما إلا<br />

في وقت لاحِ‏ قٍ‏ ، وبشكل مستقل تمامًا.‏ فمع أن الدي إن إيه والشفرة الجينية قد تطو َّرا<br />

مرة واحدة،‏ فإن عملية تضاعف الدي إن إيه — وهي الآلية الفيزيائية للوراثة في جميع<br />

الخلايا الحية — يبدو أنها تطورت مرتني.‏<br />

لو أن ذلك الزعم صدر عم َّن هو أقل شأنًا من يوجني كونني — املتخصص في<br />

علم الوراثة،‏ وهو أمريكي وُلِد في روسيا،‏ ويتصف بالذكاء والدقة والاهتمام بالحسابات<br />

والتقديرات،‏ ويعمل في هيئة املعاهد القومية للصحة في الولايات املتحدة — لشككت فيه.‏<br />

إن كونني وزملاءه لم يقصدوا من وراء جهدهم أن يثبتوا مفهومًا ثوريٍّا،‏ بل اكتشفا<br />

ذلك الأمر — الذي سنذكره حالاً‏ — باملصادفة أثناء إجرائهم ملسح استقصائي منظم<br />

عن عملية تضاعف الدي إن إيه في البكترييا والعتائق؛ إذ وجد كونني وزملاؤه عن طريق<br />

مقارنات تفصيلية للتتابع الجيني أن البكترييا والعتائق تشتركان بشكل واسع في نفس<br />

آليات تخليق البروتينات.‏ على سبيل املثال،‏ الطريقة التي تتم بها قراءة الدي إن إيه<br />

لتحويله إلى آر إن إيه،‏ ثم تتم ترجمة الآر إن إيه إلى بروتينات متماثلة في البكترييا<br />

والعتائق،‏ اللتني تستخدمان إنزيمات من الواضح ‏(من خلال تتابعهما الجيني)‏ أنها قد<br />

وُرثت عن سلف مشترك.‏ إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على الإنزيمات اللازمة لعملية تضاعف<br />

الدي إن إيه؛ فأغلبها لا يُعتبرَ‏ مشتركًا باملرة.‏ وهذه الحالة املثرية للفضول يمكن تفسريها<br />

بمجرد اختلافهما العميق،‏ ولكن يبرز هنا سؤال:‏ ملاذا لم يؤد ِّ التفاوت العميق بني عمليتَيْ‏<br />

نسخ الدي إن إيه وترجمته إلى حالة من عدم التماثل بينهما بشكل كامل؟ وأبسط تفسري<br />

لهذا هو الافتراض الثوري الذي أبداه كونني؛ وهو:‏ إن عملية تضاعُف الدي إن إيه قد<br />

8<br />

تطو َّرت مرتني؛ مرة في العتائق،‏ ومرة في البكترييا.‏<br />

لا بد أن مثل هذا الزعم بدا خياليٍّا للكثريين،‏ ولكن بالنسبة لرجل أملعي عنيد،‏<br />

ولكن بلطف،‏ من تكساس ويعمل في أملانيا،‏ كان هذا هو املطلوب تمامًا.‏ ذلك الرجل هو<br />

الكيميائي الحيوي بيل مارتن،‏ الذي مَر َّ بنا في الفصل الأول،‏ وكان قد شك َّل فريقًا مع<br />

مايك راسل لاستكشاف أصول الكيمياء الحيوية في الفوهات الحرمائية.‏ واجه الرجلان<br />

الآراء التقليدية في عام ٢٠٠٣، وكتبا افتراضهما الشخصي قائلني إن السلف املشترك<br />

للبكترييا والعتائق لم يكن كائنًا حُر َّ املعيشة إطلاقًا،‏ ولكنه كان كائنًا متضاعفًا رديء<br />

النوع،‏ حبيسً‏ ا في الصخر املسامي،‏ لم يخرج عن نطاق الخلايا املعدنية التي تملأ الفوهات<br />

78

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!