24.11.2015 Views

ارتقاء الحياة

40524903

40524903

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />

ولكن لم يمر وقت طويل بعد ديكارت في عقد الستينيات من القرن السابع عشر<br />

حتى ظهر اكتشاف محدد قَلَبَ‏ هذه الأفكار التي طال التعلق بها رأسً‏ ا على عقب؛ فلقد<br />

أظهر العالم التجريبي الهولندي يان سوامردام أن حجم العضلة لا يزداد مع انقباضها،‏<br />

بل إنه ينكمش قليلاً‏ جدٍّا.‏ وإذا كان حجم العضلة يقل،‏ فمعنى هذا أنها لا يمكن أن<br />

تنتفخ بالأرواح الحيوانية كأنها مثانة.‏ سرعان ما ظهر بعد ذلك في عقد السبعينيات<br />

من نفس القرن رجل هولندي آخر هو رائد استخدام امليكروسكوب واسمه أنتوني فان<br />

لوفنهوك،‏ الذي استخدم عدساته الزجاجية الرائعة في البداية لفحص البنية املجهرية<br />

للحم الحيواني.‏ فوصف وجود ألياف رقيقة تتكون من ‏«كريات دقيقة جدٍّا يتصل<br />

بعضها ببعض»،‏ وتنتظم معًا في شكل سلسلة؛ أو على الأحرى تُوجَد آلاف من السلاسل<br />

تتكو َّن من هذه الكريات لتكو ِّن تركيبة اللحم.‏ ثم جاء رجل إنجليزي،‏ هو ويليام كرون،‏<br />

فتخي َّل أن الكريات ربما تعمل كمثانات مجهرية تجعل شكل العضلة يمتلئ دون أن<br />

تغري بالضرورة حجمها الكلي.‏ 1 ولم يستطع تفسري كيفية حدوث افتراضه هذا الذي كان<br />

ضربًا من الخيال،‏ ولم تتمكن إمكانياته املعملية من إثباته.‏ ثم افترض عدد من العلماء<br />

الرواد أن امتلاء تلك املثانات املزعومة يحدث بشكل انفجاري باملعنى الحرفي؛ إذ افترض<br />

جون مايو على سبيل املثال أن الأرواح الحيوانية عبارة عن ‏«دقائق نيتروجني هوائية»،‏<br />

وقال إن الأعصاب هي مصدرها وإنها تختلط بدقائق كبريتية من الدم لإحداث انفجار<br />

يشبه انفجار البارود.‏<br />

لم تستمر هذه الأفكار املغلوطة كثريًا؛ فبعد مرور ثماني سنوات من امللاحظات<br />

املبكرة للوفنهوك،‏ قام مرة أخرى بفحص ‏«كرياته»‏ املزعومة مجددًا بعدسات جديدة<br />

محسنة،‏ وبناءً‏ على ذلك قد َّم اعتذارًا عما قاله سابقًا؛ إذ اكتشف أن ألياف اللحم لم تكن<br />

سلاسل طويلة من مثانات دقيقة بل هي ألياف تقطعها بالعرض ما أسماها ‏«حلقات<br />

وتجاعيد»‏ منتظمة،‏ وهذه الخطوط هي التي أعطت الانطباع بوجود الكريات.‏ الأدهى من<br />

هذا أن لوفنهوك حينما فت َّتَ‏ الألياف ونظر إلى محتوياتها تحت عدساته أدرك أنها أيضً‏ ا<br />

تمتلئ بخيوط أشد دقة،‏ قد تصل إلى مائة أو نحو ذلك في كل ليفة.‏ تتغري َّ املصطلحات،‏<br />

ولكن القطع التي وصفها لوفنهوك تُعرَف اليوم باسم ‏«القُسيمات العضلية»،‏ بينما<br />

تُعرَف الخيوط أو الشعريات الدقيقة املوجودة داخل الليفة العضلية باسم ‏«اللييفات<br />

العضلية».‏ ومن الواضح أن الانقباض العضلي لا علاقة له باملثانات املنتفخة،‏ بل إن كل<br />

شيء فيه إنما يتعل َّق بالألياف العضلية وحسب.‏<br />

184

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!