Attention! Your ePaper is waiting for publication!
By publishing your document, the content will be optimally indexed by Google via AI and sorted into the right category for over 500 million ePaper readers on YUMPU.
This will ensure high visibility and many readers!
الإبصار أتصو َّر أن معظم الناس يتقب َّلون ما قاله داروين عن الظروف والأحوال دون ترد ُّد، لكن لا يزال من الصعب إدراك جميع املراحل البينية؛ فتخي ُّل السلسلة املتصلة كلها يبدو أمرًا غري يسري، إن لم يكن مستحيلاً ، وذلك بتعديل بسيط لكلمات الكاتب بي جي وودهاوس. 2 وما لم تكن كل خطوة مفيدة في حد ِّ ذاتها، فلا يمكن أن تتطو َّر العني املعق َّدة، كما رأينا. لكن في حقيقة الأمر تبني َّ َ أن التطو ُّر التقد ُّمي للعني يمكن استيعابه بسهولة. ولقد تم تصويره على هيئة سلسلة من الخطوات البسيطة، مبينة في الشكل 2-7، على يد عاملني سويديني؛ هما: دان إريك نيلسون، وسوزان بلجر. إن كل خطوة تُعتبرَ تحس ُّ نًا؛ بدءًا من الشبكية املكشوفة وانتهاءً بعني مشابهة لعني السمكة ولا تختلف كثريًا عن عني الإنسان. ويمكن بالطبع أن تتقد َّم لأكثر من هذا بكثري (وهذا يحدث فعلاً )، فيمكن أن تُضاف قزحية قادرة على توسيع حدقة العني أو انقباضها لتغيري كمية الضوء الداخل إلى العني، من ضوء النهار املبهر إلى غسق املساء. كما يمكن ربط بعض العضلات بعدسة العني لتغيري شكلها، فتُشَ د أو ترتخي؛ مما يتيح للعني أن تنقل بؤرتها من نقطة قريبة إلى نقطة بعيدة (وهو ما يُسم َّى بالتكي ُّف). ولكن هذه الأمور تُعتبرَ ملسات دقيقة لا تُوجَد لدى الكثري من أنواع العيون، ولا يمكن أن نُضِ يفها في رسم التصميم إلا لعني تُوجَد فيها هذه الأشياء بالفعل. ومن ثم فسوف نقنع في هذا الفصل بوجود تسلسل مشابه، من أجل تطوير عني عاملة مكونة للصور، حتى إن لم 3 يسعفنا هذا التصور املبدئي بشأن العديد من الإضافات الاختيارية. النقطة الحاسمة في هذا التسلسل هي أنه حتى أكثر العدسات العينية بدائية أو ضآلةً تكون أفضل من عدم وجود عدسة على الإطلاق (في مكان آخر غري املداخن السوداء بالطبع)، والصورة املشوشة أفضل من عدم وجود صورة. ونقول مجددًا إن ثمة مقايضة بني وضوح الصورة والحساسية للضوء؛ إذ يمكن تكوين صورة جيدة بشكل مثالي باستخدام كامريا ذات ثقب دقيق، على سبيل املثال، بدون عدسة على الإطلاق. وحقٍّا، تُوجَد عيون ذات ثقب دقيق في بعض أنواع الكائنات، ومن أوضح نماذجها حيوان بحري يُسم َّى «النوتي» وهو من الرأسقدميات الحية التي تم َّتْ بصلة قرابة لحيوان رخوي صدفي منقرض يُسم َّى الأمونيت. 4 وتتمث َّل املشكلة بالنسبة لحيوان «النوتي» في الحساسية للضوء؛ إذ يتطل َّب الحصول على صورة حادة الوضوح وجود فتحة ضيقة لتقليل كمية الضوء الداخل للعني. وعند قلة الضوء، تكون الصورة مُعتِمة لدرجة تجعل من غري املمكن تمييزها عمليٍّا. وهي بالضبط مشكلة ذلك الحيوان الذي يعيش في املياه 221
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong> عدد الأجيال ٣٥٠٠٠ ٧٢٠٠٠ ٥٩٠٠٠ العدد الإجمالي: ٣٦٤٠٠٠ ٥٤٠٠٠ ٦١٠٠٠ ٤٥٠٠٠ ٣٨٠٠٠ شكل 2-7: تسلسل الخطوات املطلوبة من أجل تطور العني، طبقًا لكل من دان إريك نيلسون وسوزان بلجر، مع عدد تقريبي للأجيال املطلوبة لحدوث كل تغيري. وإذا افترضنا أن كل جيل يستغرق عامًا واحدًا، فإن التسلسل الكامل يتطلب أقل قليلاً من نصف مليون عام. العميقة املظلمة. وقد توص َّ لَ عالم يُدْعَى مايكل لاند، وهو أحد كبار الخبراء البريطانيني في عيون الحيوانات بجامعة ساسكس إلى أن إضافة عدسة إلى عني لها نفس الحجم يجعلها أكثر حساسية بمقدار ٤٠٠ مرة، وأكثر توضيحًا للصورة بمقدار ١٠٠ مرة. ومن ثم، فهناك فائدة كبرية تنجم عن أي خطوات تجاه تكوين عدسة من أي نوع، وهي فائدة تترجم فوريٍّا إلى املزيد من فرص البقاء على قيد <strong>الحياة</strong>. ويُرج َّح أن أول عدسة مكونة للصور «بشكل صحيح» نشأت كانت تنتمي إلى إحدى ثلاثيات الفصوص، وهي طائفة من املفصليات املنقرضة كانت تُغط ِّي أجسامها دروع مصفحة تُذك ِّرنا بفرسان العصور الوسطى، وكان الكثري من أنواع تلك الطائفة 222