Attention! Your ePaper is waiting for publication!
By publishing your document, the content will be optimally indexed by Google via AI and sorted into the right category for over 500 million ePaper readers on YUMPU.
This will ensure high visibility and many readers!
الحركة شكل 4-6: هيكل خلوي أكتيني في خلية غضروفية بقرية، موضحًا باستخدام صبغة مشعة تُسم َّى «فالويدين-إف آي تي سي». شعريات الأكتني في الأنماط املختلفة املتطرفة من الخلايا تكون متشابهة جدٍّا في بنيتها التفصيلية. وهذا الافتراض صحيح تمامًا بشكل يثري الدهشة؛ لدرجة أننا نعرف الآن، على سبيل املثال، أن التسلسلات الجينية في أكتني كل ٍّ من فطر الخمرية والإنسان متماثلة بنسبة ٩٥ باملائة. 5 ومن هذا املفهوم يبدو نشوء العضلات مختلفًا جدٍّا؛ فنفس الشعريات التي تقو ِّي عضلاتك تقو ِّي كذلك العالم املجهري لجميع الخلايا املعقدة. ويكمن الفارق الحقيقي الوحيد في تنظيمها. في عالم املوسيقى، ثمة شيء أحبه للغاية في التنويعات. فحينما كان املوسيقار الأملاني بيتهوفن شابٍّا يافعًا يؤدي عزفًا أمام املوسيقار النمساوي موتسارت، يُقال إن موتسارت لم يُعجَب بعزفه بصفة خاصة، باستثناء مهارته في الارتجال؛ بمعنى قدرته على إصدار تقاسيم إيقاعية ولحنية منو َّعة من جملة موسيقية بسيطة. وفي مشوار حياته بعد ذلك، 199
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong> وجدت موهبتُه تلك مَثَلَها الأعلى في التنويعات اللحنية الرائعة للموسيقار ديابللي. وكانت تنويعات بيتهوفن صارمة التكوين تمامًا مثل تنويعات مقطوعة جولدبرج الرائعة للموسيقار باخ الذي سبقهم. وقد حافظ على الخطة التناغمية الأساسية للحن كله؛ مما أكسبه ككل ٍّ توحدًا وانسجامًا يمكن إدراكه فورًا وتقديره. وبعد بيتهوفن، هبط لدى الكثريين مستوى هذه الدقة والصرامة، وغلب على امللحنني املوسيقيني تركيزهم على الحالات املزاجية والانطباعات، إلا أن موسيقاهم تفتقر إلى الحس الرياضي املتسم بالجلال والفخامة، وتفتقر إلى الشعور بأن كل فارق دقيق خفي في النغمات تم استخراجه، وكل بُعد سري جُعل واقعًا، وكل قدرة ممكنة تحققت. هذه القدرة على صنع جملة موسيقية أساسية وعزف تنويعات لحنية يمكن إدراكها وتذوقها، مع الحرص دائمًا على إبقاء اللبنات البنائية للتركيبة املوسيقية، لها صدى يتوافق في علم الأحياء. فهناك جملة أو فكرة أساسية، وهي التفاعلات الحركية بني امليوسني والأكتني مثلاً ، يتم تنويعها حسب التصور اللانهائي للانتقاء الطبيعي، وصولاً إلى نظام مذهل من حيث التركيب والوظيفة. ويُعتبرَ العالم الداخلي لأي خلية معقدة دليلاً على هذه القدرة غري العادية على التنويع الدقيق. التفاعلات بني البروتينات الحركية وشعريات الهيكل الخلوي مسئولة عن عالم الحركة بكامله في الخلايا املعقدة؛ داخليٍّا وخارجيٍّا. هناك الكثري من الخلايا التي تنزلق زاحفة على سطح صلب دون جهد ملحوظ، ولا أطراف ضاربة، ولا التواءات وتمعجات جسمية. وهناك خلايا أخرى تكو ِّن بروزات تُسم َّى الأقدام الكاذبة؛ وهذه تمتد ساحبة الخلية إلى الأمام، أو تبتلع فرائسها في ثنياتها البروتوبلازمية. وهناك خلايا أخرى لديها أهداب أو أسواط تعمل حركاتها الانثنائية املتموجة والإيقاعية على تحريك الخلايا هنا وهناك. وداخل الخلايا يدور السيتوبلازم محر ِّكًا محتويات الخلية في حركة دائرية موجية مستمرة. وفي عالم الخلية الدقيق جدٍّا، تسرع الأجسام الكبرية نسبيٍّا مثل امليتوكوندريا جيئةً وذهابًا، وتؤدي الكروموسومات رقصتها املهيبة ثم تنسحب إلى ركنيها املنفصلني. وسرعان ما تنقسم الخلية بعدها إلى اثنتني؛ بحدوث اختناق في منتصف الخلية وكأنه بفعل مشد خصر شديد الضيق. وكل هذه الحركات تعتمد على عدة أدوات جزيئية يكون فيها الأكتني وامليوسني العنصرين النموذجيني. وتعتمد هذه الأمور كلها على تنويعات صارمة لجملة «موسيقية» واحدة. وإذا استطعت أن تنكمش وتُصغ ِّر حجمَك إلى حجم جزيء من ثلاثي فوسفات الأدينوسني على سبيل املثال، فستجد الخلية كأنها مشهد ملدينة شاسعة من مدن املستقبل. 200