ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />
ولكنهم يفترضون نمطًا غري هجني للخلية البلعمية الأصلية، باعتبارها خلية العائل، وهو<br />
أمر منطقي إذا اعتبرناها خلية حقيقية النواة بدائية.<br />
في بدايات عقد الثمانينيات من القرن املاضي، ألقى توم كافالري سميث الضوءَ على<br />
مجموعة مُكَو َّنة من ألف نوع أو أكثر من حقيقيات النوى وحيدة الخلية التي تبدو<br />
بدائية وتعوزها امليتوكوندريا. وقال كافالري سميث إن قليلاً منها ربما نجا وعاش منذ<br />
الأيام املبكرة من حياة الخلية حقيقية النواة، مع اعتبارها ذرية مباشرة للخلية البلعمية<br />
البدائية التي لم تكن تمتلك ميتوكوندريا مطلقًا. إذا كان الأمر كذلك، فمن املفترض ألا<br />
تظهر عليها أي علامات على التهجني الجيني، على أساس أنها نشأت وتطورت بعمليات<br />
تتفق تمامًا مع النظرية الداروينية. ولكن على مدى العقدين التاليني ملقولة ذلك العالم<br />
تبني َّ َ أن َّ جميع تلك الخلايا ظهرت عليها علامات التهجني الجيني؛ فجميعها على ما يبدو<br />
كانت لديها ميتوكوندريا في وقتٍ ما ثم فقدَتْها بعد ذلك، أو تعد َّلَتْ لديها إلى شيء آخر.<br />
والحقيقة إن «جميع» الخلايا حقيقية النوى املعروفة إما تمتلك ميتوكوندريا اليوم، وإما<br />
امتلكتها في املاضي. وإذا كانت تُوجَد خلايا بلعمية بدائية تعوزها امليتوكوندريا، فلا بد<br />
أنها لم تُخل ِّف وراءها أي ذرية مباشرة. وذلك لا يعني أننا نقول إنها لم تُوجَد مطلقًا،<br />
ولكن نقول ببساطة إن كلامنا عن وجودها ضرب من الحدس.<br />
أما املجموعة الثانية من النظريات فتندرج تحت راية «املصادفة القَدَرية». فجميعها<br />
تفترض أنه كان ثمة نوع ما من الارتباط بني اثنني من الخلايا بدائية النوى، وانتهى الأمر<br />
بتكوين مجموعة وثيقة الصلة والتشابك من الخلايا؛ أي هجني خلوي جيني. ولو لم تكن<br />
خلية العائل خلية بلعمية ولكن خلية من العتائق لها جدار خلوي، لبرز السؤال الأكبر<br />
وهو: كيف دخلت الخلايا الأخرى داخلها؟ ويشري املناصرون الرئيسيون لهذه الفكرة،<br />
لا سيما لني مارجوليس وبيل مارتن (اللذين صادفناهما بالفعل في الفصل الأول) إلى<br />
احتمالات مختلفة. فمثلاً يفترض مارجوليس وجود مفترس بكتريي شق َّ طريقه بالقوة<br />
داخل بكترييا أخرى (وتُوجَد أمثلة لذلك). وأما مارتن فإنه، على العكس، يفترض وجود<br />
علاقة أيضية متبادلة بني الخلايا، التي يكشف عنها بالتفصيل، بينما يتبادل كل شريك<br />
املواد الخام مع الآخرين. 6 وفي هذه الحالة، من الصعب أن ترى كيف يمكن أن تدخل<br />
خلية بدائية النواة ماديٍّا داخل خلية أخرى دون استخدام خاصية البلعمة، ولكن مارتن<br />
يَعْرض مثالني لحدوث هذا بالضبط في البكترييا (انظر الشكل 5-4).<br />
وتُعتبرَ نظريات «املصادفة القَدَرية» جميعها غري داروينية بالأساس، وذلك في<br />
كونها لا تفترض حدوث تغريات صغرية كأسلوب للتطور، ولكن تفترض نشأة مفاجئة<br />
136