Attention! Your ePaper is waiting for publication!
By publishing your document, the content will be optimally indexed by Google via AI and sorted into the right category for over 500 million ePaper readers on YUMPU.
This will ensure high visibility and many readers!
الإبصار شكل 6-7: صورة مسحية باملجهر الإلكتروني لرأس ذبابة الفاكهة تظهر عينًا زائدة شديدة الصغر على قرن الاستشعار، تكو َّنَتْ بتأثري الهندسة الوراثية؛ باستخدام الجني باكس٦ من فأر. إن الجني نفسه يتحك َّم في نشوء العني في كل ٍّ من الفقاريات واللافقاريات، ويُرج َّح أنه قام بهذا الدور في سلفهما املشترك، ربما منذ ٦٠٠ مليون عام. أجزاء كبرية من املخ؛ ومن ثم يَحْدُث قصور في تكوين الرأس في حالة غياب كلتا نسختَيْ هذا الجني املهم. وفي نفس الوقت، فإن جني باكس٦ لا يُوجَد وحيدًا، بل تُوجَد جينات أخرى يمكنها أيضً ا أن تشرف على تكوين العيون الكاملة في ذبابة الفاكهة. وفي الواقع يبدو الأمر سهل الحدوث. هذه الجينات ترتبط فيما بينها جميعًا، كما أنها موغلة في القِ دَم، وأغلبها يُوجَد في كل ٍّ من اللافقاريات والفقاريات، ولكن مع أدائها أدوارًا مختلفة وفي سياقات مختلفة لدرجة طفيفة. ومما يثري الحزن أن موسيقى <strong>الحياة</strong> الجميلة لا يتم استدعاؤها على يد مايسترو، ولكن على يد «لجنة» صغرية. 237
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong> الخلاصة أن نفس «اللجنة» من الجينات تتحك َّم في عملية تكو ُّن العني في ك ٍّل من الفقاريات واللافقاريات. وخلافًا ملا يحدث بالنسبة للرودوبسني فلا يُوجَد سببٌ «هندسي ٌّ « عملي ٌّ يجعل تلك العملية خاضعة لتحكم نفس الجينات؛ فجميعها تعمل كموظفني بريوقراطيني عديمي املشاعر، وكان من املمكن أن تُؤد َّى املهام التي يؤدونها على يد مجموعة أخرى من املوظفني البريوقراطيني عديمي املشاعر. لكن حقيقة أن هذا العمل تقوم به املجموعة نفسها دومًا (بعكس ما يحدث بالنسبة لبروتينات عدسة العني مثلاً )، تكشف عن اليد الخفية للتاريخ، عن غرابة املصادفة لا قوة الحتمية. وهذا التاريخ يُوحِ ي بأن الخلية املستقبلة للضوء قد نشأت دفعة واحدة لدى سلف مشترك للفقاريات واللافقاريات، تحت تحك ُّم لجنة صغرية من الجينات. ثمة سبب آخر للاعتقاد بأن الخلية املستقبلة للضوء نشأت دفعة واحدة؛ وهو دليل مباشر مأخوذ من حفرية حية. هذا الكائن هو دودة بحرية صغرية؛ تُسم َّى «بلاتينرييس»، طولها مليمترات قليلاً ومغطاة بشعريات صلبة. وهي تعيش في مصاب ِّ الأنهار املوحلة وتُعَد ُّ طعمًا مفضلاً لصي َّادِي الأسماك بالشص. وقد يتساءل املرء كم شخصً ا يعرف أن هذا الحيوان لم يتغري َّ شكله العام وتركيبه ككل ٍّ إلا بالكاد منذ العصر الكمبري. العجيب أن دودة كهذه كانت السلف املشترك لكل ٍّ من الفقاريات واللافقاريات. وهي مثل جميع الفقاريات، وكثري من اللافقاريات جسمها متماثل جانبيٍّا، أي إن جانبيها متطابقان، بخلاف حيوان كنجم البحر. وهذا التماثُل الجانبي هو من الصفات املميزة للبشر ولحيوانات كثرية أخرى كالحشرات. ومن املهم أن نعرف أن تلك الدودة البسيطة نشأت وفيها مسبقًا هذا التصميم التكويني القوي، قبل أن يحدث الانفجار الحيوي الذي تمخ َّ ضَ تْ عنه جميع الحيوانات الرائعة التي نراها حولنا اليوم. إنها بمنزلة حفرية حية لكائن متماثل جانبيٍّا، أولى الحيوانات املتماثلة جانبيٍّا. ولهذا اهتم العالم دتليف أرينت وزملاؤه باملعمل الأوروبي للبيولوجيا الجزيئية في هايدلبرج بأملانيا بخلاياها املستقبلة للضوء. عرف أولئك العلماء أن عيون تلك الدودة مشابهة في تصميمها لعيون اللافقاريات، وليس لعيون الفقاريات، حتى في نوع الرودوبسني الذي تستعمله. ولكن في عام ٢٠٠٤ اكتشف فريق هايدلبرج مجموعة أخرى من الخلايا املستقبلة للضوء مدفونة في مخ الدودة. لم تكن تلك تُستخدَم في الإبصار مطلقًا ولكنها تُستخدَم كساعة توقيتية بيولوجية، تتعلق بتلك الإيقاعات الحيوية الداخلية التي تتحك َّم في النوم واليقظة وتُمي ِّز 238