24.11.2015 Views

ارتقاء الحياة

40524903

40524903

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

الوعي<br />

أساسً‏ ا مثل التليفزيون؛ فالخلايا العصبية تحد ِّد املُخرج العصبي بدقة عن طريق شفرة<br />

ما.‏ لا مشكلة في هذا،‏ ولكن ما هو هذا املُخرج بالضبط؟ فك ِّرْ‏ في كل الخصائص املعروفة<br />

للمادة.‏ فلا تبدو املشاعر مثل إشعاع كهرومغناطيسي أو موجات صوتية،‏ ولا تضاهي<br />

أي شيء ضمن البنية املادية للذرات.‏ إنها ليست بروتونات ولا إلكترونات،‏ فماذا تكون<br />

8<br />

بحق السماء؟ أهي أوتار متذبذبة؟ أم جرافيتونات كمية؟ أم مادة مظلمة؟<br />

هذه هي املعضلة الصعبة التي تحد َّثَ‏ عنها تشاملرز.‏ ولقد ذهب تشاملرز،‏ مثل<br />

جيمس من قبله،‏ إلى أنه ما من سبيل لحلها إلا من خلال اكتشاف خصائص أساسية<br />

جديدة للمادة.‏ والسبب بسيط؛ فاملشاعر مادية،‏ إلا أن قوانني الفيزياء املعروفة،‏ التي<br />

يُفترَض استطاعتها أن تَصِ‏ ف لنا العالم على نحوٍ‏ وافٍ‏ ، ليس بها مكان للمشاعر.‏ وعملية<br />

الانتقاء الطبيعي — مع كل ما تتمتع به من قوة — لا تخلق شيئًا من لا شيء،‏ بل<br />

لا بد أن تكون ثمة بذرة من ‏«شيء ما»‏ كي تعمل عليها؛ بذرة من شعور ما،‏ يمكنك<br />

القول،‏ يستطيع التطور أن يبلورها إلى ذلك العقل املهيب.‏ هذا ما يُسم ِّيه عالم الكيمياء<br />

الفيزيائية الاسكتلندي جراهام كرينز سميث ‏«قنبلة القبو»‏ للفيزياء الحديثة.‏ ويقول<br />

مفترضً‏ ا أن املشاعر إذا لم تكن تضاهي أيٍّا من الخصائص املعروفة للمادة،‏ فلا بد أن<br />

للمادة نفسها بعض امللامح الإضافية أو ما يمكن أن نُسم ِّيها ‏«ملامح شخصية»،‏ التي إذا<br />

تم َّ تنظيمها من قبل الانتقاء الطبيعي فستنتج عنها املشاعر الداخلية التي نتمتع بها.‏ إن<br />

املادة تتصف بالوعي بطريقة ما مع وجود خصائص ‏«داخلية»،‏ فضلاً‏ عن الخصائص<br />

الخارجية التي يقيسها علماء الفيزياء.‏ وهكذا عاد مذهب الشمولية العقلية بقوة من<br />

جديد.‏<br />

إن هذا الأمر يبدو منافيًا للعقل،‏ ولكن لا يدفعنا الغرور لأن نظن أننا نعرف كل<br />

شيء عن طبيعة املادة!‏ فهذا غري صحيح.‏ بل إننا لا نفهم حتى كيفية عمل ميكانيكا<br />

الكم.‏ تَصِ‏ ف نظرية الأوتار على نحوٍ‏ رائعٍ‏ الكيفية التي تنشأ بها كل خصائص املادة<br />

من ذبذبات لأوتار دقيقة على نحوٍ‏ لا يمكن تخي ُّله داخل أبعاد لا يمكن تخي ُّلها،‏ عددها<br />

أحد عشر بُعدًا،‏ ولكننا لا نملك وسيلة تجريبية للتأكد من صحة أي ٍّ من فرضيات<br />

هذه النظرية.‏ ولهذا السبب ذكرت في بداية هذا الفصل أن موقف البابا لم يكن منافيًا<br />

للمنطق.‏ فنحن لا نعرف ما يكفي عن الطبيعة املتعمقة للمادة لكي نعرف كيف تحو ِّل<br />

الخلايا العصبية املادة الجامدة إلى مشاعر شخصية في َّاضة.‏ فإذا كانت الإلكترونات لها<br />

خصائص املوجات والجسيمات في نفس الوقت،‏ فلماذا لا تكون الروح واملادة وجهني<br />

لنفس الشيء؟<br />

301

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!