ارتقاء الحياة
40524903
40524903
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
أصل <strong>الحياة</strong><br />
الصدفة أو بتدبري من كائنات فضائية ذكية. ربما هذا ما حدث بالفعل — فمَنْ ذا الذي<br />
سيخاطر بالقول إن هذا لم يحدث؟! — بيد أن العلماء غري مستعدين للخوض في مثل هذا<br />
النوع من التفكري، وهم مُحِ ق ُّون في ذلك. الأمر أشبه بالزعم بأن العلم لا يستطيع الإجابة<br />
عن هذا السؤال قبل حتى أن ننظر في إمكانية ما إذا كان بمقدور العلم الإجابة عنه أم لا.<br />
إن السبب املعتاد وراء البحث عن الخلاص في مكان آخر من الكون هو الزمن؛ فلم يَمْضِ<br />
زمنٌ كافٍ على الأرض ليتطور ذلك التعقيد املذهل للحياة.<br />
لكن من يقول بهذا؟ يخرج علينا العالم الفائز بجائزة نوبل كريستيان دي دوف،<br />
الذي لا يقل مكانةً عن سابقيه، برأي صادم تمامًا يقضي بأن حتمية الكيمياء تعني وجوب<br />
ظهور <strong>الحياة</strong> بسرعة. ما يعنيه في الأساس هو أن التفاعلات الكيميائية يجب أن تَحْدُث<br />
بسرعة وإلا فلن تَحْدُث على الإطلاق، وإذا احتاج أي تفاعل لآلاف السنني حتى يكتمل،<br />
فمن املرجح إذن أن تتبدد كل املواد الداخلة في التفاعل أو تتحلل في غضون هذه الفترة،<br />
ما لم تستكمله تفاعلات أخرى أسرع. لا ريب أن أصل <strong>الحياة</strong> ما هو إلا عملية كيميائية،<br />
ومن ثم يسري عليها نفس املنطق؛ أن التفاعل الأصلي للحياة لا بد أنه حَدَثَ على نحو<br />
تلقائي وسريع. وهكذا يرى دي دوف أنه من الأكثر ترجيحًا بكثري أن تتطور <strong>الحياة</strong> في<br />
غضون عشرة آلاف عام عن أن تستغرق عشرة مليارات عام كي تتطور.<br />
لا نستطيع مطلقً ا أن نعرف كيف بدأت <strong>الحياة</strong> على الأرض. وحتى إذا نجحنا في إنتاج<br />
بكترييا أو حشرات تزحف خارجةً من مواد كيميائية بأنبوب اختبار، فلن نعرف أبدًا ما إذا<br />
كانت <strong>الحياة</strong> على كوكبنا قد بدأت بهذه الصورة تحديدًا، بل كل ما نعرفه أن هذا التفاعل<br />
بعينه يمكنه إنتاج <strong>الحياة</strong> وأنه قد يكون أكثر ترجيحًا عما كنا نظن من قبل. لكن العلم<br />
ليس معنيٍّا بدراسة الاستثناءات، بل القواعد، وينبغي للقواعد الحاكمة لظهور <strong>الحياة</strong> على<br />
كوكبنا أن تسري في أرجاء الكون. إن السعي وراء أصل <strong>الحياة</strong> ليس هدفه إعادة بناء ما<br />
حدث في الساعة السادسة والنصف من صباح يوم الخميس قبل امليلاد ب ٣٨٥١ مليون<br />
عام، بل الهدف هو معرفة القواعد العامة التي يجب أن تحكم ظهور <strong>الحياة</strong> في أي مكان<br />
في الكون، خاصة على كوكبنا — املثال الوحيد الذي نعرفه. ومع أن القصة التي سنرسمها<br />
قد لا تكون صحيحة في كل تفاصيلها، فإنها حسبما أعتقد مقبولة على نحوٍ واسعٍ. أريد<br />
أن أُبني ِّ أن َّ أصل <strong>الحياة</strong> ليس ذلك اللغز العظيم الذي يجري تصويره أحيانًا، وأن <strong>الحياة</strong><br />
تظهر، ربما بشكل حتمي، من خضم الحِ راك الدائم لكوكبنا.<br />
27