ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
املوت<br />
ثمة دليل مثري للاهتمام يؤك ِّد أن هذه هي الكيفية التي يسري بها الأمر. ففي<br />
عام ١٩٩٨ فحص ماساشي تاناكا وزملاؤه، الذين كانوا حينها بمعهد جيفو الدولي<br />
للتكنولوجيا الحيوية في اليابان، مصري أشخاص يتميزون بوجود نسخة متغرية شائعة<br />
من الدي إن إيه الخاص بامليتوكوندريا (وهذا أمر شائع في اليابان على الأقل لكنه ليس<br />
شائعًا، لسوء الحظ، في الأماكن الأخرى من العالم). وهذه النسخة تُغري ِّ حرفًا واحدًا فقط<br />
من الدي إن إيه. ويتمث َّل تأثري هذا التغيري في حدوث خفض ضئيل في تسرب الجذور<br />
الحرة، يتعذ َّر رصده في أي لحظة منفردة بعينها، ولكنه يستمر طوال العمر. ولهذا الأمر<br />
تبعات هائلة. حد َّد تاناكا وزملاؤه حينئذٍ تسلسلات الدي إن إيه امليتوكوندري لدى مئات<br />
عدة من املرضى الذين وصلوا متتابعني إلى املستشفى، ووجدوا أنه تحت سن الخمسني<br />
عامًا تقريبًا لم يكن ثمة فارق في النسبة بني مجموعتَي الأفراد الذين لديهم نسخة الدي<br />
إن إيه املتغرية محل الدراسة ومن يملكون النسخة «العادية». ولكن بعد سن الخمسني<br />
بدأت تنفتح فجوة بني املجموعتني من املرضى وتتسع. وعند سن الثمانني، كان لدى<br />
املرضى املتمتعني بوجود تلك النسخة نصف قابلية الإصابة بحالة من أي نوع تستدعي<br />
إدخالهم املستشفى. ولم يكن السبب في عدم إدخالهم املستشفى هو أنهم يكونون موتى<br />
بحلول هذا السن، وإنما وجد تاناكا أن اليابانيني الذين لديهم تلك النسخة تكون لديهم<br />
قابلية بمقدار الضعف للعيش حتى سن املائة عام. وهذا يفترض أن أولئك الأشخاص<br />
تقل — بمقدار النصف — قابلية معاناتهم لأي مرض من أمراض الشيخوخة. دَعْني<br />
أكر ِّر قولي هذا؛ لأنني لا أعرف أي حقيقة أخرى تثري الدهشة في عالم الطب كله أكثر من<br />
هذه الحقيقة: إن مجرد تغري ُّ ضئيل في امليتوكوندريا يقل ِّل احتمال اضطرار املرء لدخول<br />
املستشفى لعلاجه من أي مرض من أمراض الشيخوخة إلى النصف، كما يضاعف<br />
احتمالات العيش حتى سن املائة. فإذا كنا جاد ِّين بشأن مواجهة املشكلات الصحية<br />
املزعجة واملعوقة للإنسان في مرحلة الشيخوخة على كوكبنا الأرضي املسن، فهذه بالتأكيد<br />
هي النقطة التي يجب أن نبدأ منها. ولنرفع عقريتنا بهذا!<br />
لا أريد أن أهو ِّن من شأن التحديات العلمية التي تنتظرنا أو أقل ِّل من قيمة جهود الباحثني<br />
الذين كر َّسوا حياتهم كلها في دراسة دقائق أمراض محددة من أمراض الشيخوخة. فبغري<br />
نجاحهم البطولي في توضيح علم الوراثة والجينات الوراثية والآليات الكيميائية الحيوية<br />
للأمراض لم يكن البناء على هذا الأساس بالأمر املمكن. ومع ذلك، فهناك خطر أن يكون<br />
335