ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الخلية املعقدة<br />
واملجموعة الثانية هي حقيقيات النوى. ولكن هناك مجموعة ثالثة، تُعرَف الآن بالعتائق،<br />
كأنها جاءت من املجهول لتتخذ موقعًا بارزًا على مسرح <strong>الحياة</strong> في العالم. ومع أن عدد<br />
أنواع العتائق التي عُرِفَتْ على مدى قرن تقريبًا كان قليلاً للغاية يمكن عد ُّه على الأصابع؛<br />
فقَبْل ظهور شجرة وويس الجديدة كان ينظر إليها كقطاع صغري داخل مجموعة<br />
البكترييا. ولكن بعد أن جاء وويس صارت لها أهمية تُماثِل أهمية حقيقيات النوى،<br />
بالرغم من حقيقة أنها «تبدو ظاهريٍّا» مثل البكترييا؛ فهي دقيقة الحجم، وعادة ما يكون<br />
لها جدار خلوي خارجي، وليست بها نواة أو أي شيء إضافي في داخلها يستحق التعليق،<br />
ولا تتكو َّن منها مستعمرات قد تجعل املرء يخطئ فيعتبرها من الكائنات متعددة الخلايا.<br />
وقد صدمَتِ املغالاةُ في إضفاء الأهمية عليها الكثريين، واعتبروا هذا محاولة لإعادة تركيب<br />
العالم بأسلوب وقح، يجري فيه استبعاد ذلك التنو ُّع املتشع ِّب الرائع للنباتات والحيوانات<br />
والفطريات والطحالب والكائنات الأولية إلى ركن غري مهم من شجرة تسودها الخلايا<br />
حقيقية النوى. إن وويس يريدنا أن نعتقد أن كل الاختلافات املتنوعة بني النباتات<br />
والحيوانات هي لا شيء إذا قُورِنَتْ بالهوة غري املرئية بني البكترييا والعتائق. شعر<br />
عدد من علماء الأحياء املشهورين مثل إرنست ماير ولني مارجوليس بالغضب الشديد.<br />
وبعد ذلك بسنوات وإيماءً إلى تلك املجادلات الحادة أوردت مجلة «ساينس» العلمية هذه<br />
القضية واصفةً وويس بأنه «عالم الأحياء الدقيقة الثوري الجريح».<br />
وبعد كل ما نشب من معارك، صار أغلب الباحثني اليوم متقبلني لشجرة وويس، أو<br />
على الأقل متقبلني للمكان البارز الذي تحتله العتائق. والحقيقة أن العتائق على املستوى<br />
الكيميائي الحيوي تختلف عن البكترييا من جميع النواحي تقريبًا؛ إذ يتكو َّن الغشاء<br />
الخلوي فيها من دهون مختلفة، يتم تركيبها بمساعدة مجموعة مختلفة من الإنزيمات.<br />
ولا شيء مشترك بني جدرها الخلوية والجدر الخلوية البكتريية، ويُوجَد تراكب طفيف<br />
بني مساراتها الأيضية ومسارات البكترييا. وكما رأينا في الفصل الثاني، فإن الجينات<br />
التي تتحك َّم في تضاعف الدي إن إيه في الحالتني مختلفة تمامًا ولا علاقة بينهما. والآن<br />
وقد صارت تحاليل الجينومات الكاملة شيئًا مألوفًا، صرنا نعرف أن العتائق تشترك<br />
مع البكترييا في أقل من ثلث جيناتها، والباقي يُعتبرَ فريدًا وممي َّزًا. وبصفة عامة، فقد<br />
ساعدت شجرة الآر إن إيه — التي لم تكن في الحسبان — لوويس في التركيز على سلسلة<br />
من الاختلافات الكيميائية الحيوية الرئيسية بني البكترييا والعتائق، وإن كانت طفيفة<br />
إلى درجة عدم ملاحظتها؛ مما يجعلها معًا تدعم ما أقدم عليه من جرأة في إعادة تصنيف<br />
الكائنات الحية.<br />
131