اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺗرﺑوﯾﺔ

فاللعب،‏ إذن إعداد للكائن الحي كي یعمل في المستقبل الأعمال الجادة المفیدة،‏ ومثالنا على ذلكتناطح الحملین في لعبهما إنما هو تمرین على القیام بالتناطح الجدي في المستقبل والدفاع عن النفس، كما أن صغار الطیر تضرب بأجنحتها بعضها ببعض بما یشبه حركات الطیران ، وكذلك القططالتي تطارد بعضها بعضاً‏ في أثناء اللعب،‏ فهي تقوم بحركات تشبه الحركات التي تقوم بها فيالمستقبل بقصد الحصول على الطعام ومطاردة الفریسة ، والطفلة في عامها الثالث تستعد بشكل لاشعوري لتقوم بدور الأم حین تضع لعبتها وتهدهدها كي تنام.‏ وهكذا فإن مصدر اللعب هو الغرائز،‏أي الآلیات البیولوجیة،ولقد أكد وجهة النظر البیولوجیة هذه كثیر من العلماء مع إجراء تعدیلاتطفیفة علیها.‏ ومما یثبت صحة هذه النظریة،‏ أن اللعب یأخذ شكلاً‏ خاصاً‏ عند كل نوع من أنواعالحیوانات ، وترى أن الإنسان یحتاج أكثر من غیره إلى اللعب لأن تركیبه الجسمي أكثر تعقیداً‏و أعماله في المستقبل أكثر أهمیة واتساعاً،‏ ومن هنا كانت فترة طفولته أطول لیزداد لعبه وتتمرنأعضاؤه،‏ كما ترى أن اللعب من خصائص الحیوان الراقي،‏ بینما الكائنات الحیة غیر الراقیة كالحشراتوالزواحف،‏ مثلاً،‏ لا تلعب ویعود ذلك إلى أن الحیوانات الراقیة تولد غیر مكتملة النمو وغیر قادرة علىمواجهة صعوبات الحیاة بنفسها من دون مساعدة كبااهر،بینما الكائنات الحیة غیر الراقیة تولد بالغةمكتملة النمو تقریباً‏ وتكون مستقلة عن كبارها وهذا یغنیها عن اللعب.‏ وهكذا نرى أن نظریة ‏(جروس)‏هذه یصح تطبیقها على الإنسان،‏ كما یصح تطبیقها على الحیوان،‏ مع احتفاظنا بالفارق بین حیاتيالإنسان والحیوان.‏ فحیاة الإنسان غنیة بعناصرها وتفاعلاتها وحاجاتها المختلفة إذا ما قورنت بحیاةالحیوان البسیطة والمحدودة.‏ ) حنا ،،١٩٩٩ ص (٧٩-٧٧‎٣‎ النظریة التخلیصیة :صاحب هذه النظریة هو ستانلي هول وخلاصتها:‏ إن اللعب هو تلخیص لضروب النشاطاتالمختلفة التي مر بها الجنس البشري عبر القرون والأجیال،‏ ولیس إعدادًا للتدرب على نشاط مقبلومواجهة صعاب الحیاة . فألعاب القفز والتسلق والصید وجمع الأشیاء المختلفة هي ألعاب فردیة أوجماعیة غیر منظمة ، ولعل هذا یشیر إلى حیاة الإنسان الأول عندما كان یصطاد الحیوانات ویسخرهالمصلحته،‏ فالطفل حینما یجمع حوله جماعات الرفاق لیلعب معهم،‏ إنما یمثل في عمله نشأةالجماعات الأولى في حیاة الإنسان،‏ كما أنه إذا قدمنا له عدداً‏ من المكعبات فإنه یشرع في بناء منزلأو ما أشبه،‏ وهذه تمثل مرحلة من مراحل التقدم في الحیاة،إذن فالإنسان یلخص في لعبه أدوارالمدنیة التي مرت علیه،‏ كما یلخص الممثل على المسرح تماماً‏ تاریخ أمة من الأمم في ساعات قلیلة.‏٣٧