قراءة اجتماعية سياسية للسيرة النبويّة - Muhammadanism

© Muhammadanism.org — All rights reserved.
حروب دولة الرسول
بدر الكبرى
لها.‏ وتحدث بذلك رجال من قريش فخرجوا في طلبها،‏ حتى أدركوها بذي طوى...‏ وبرك
حموها كنانة ونثر كنانته ثم قال:‏ واالله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما ً،‏ فتكركر الناس
عنه،‏ وأتى أبو سفيان في جلة من قريش فقال:‏ أيها الرجل كف عنا نبلك حتى نكلمك،‏ فكف.‏
فاقبل أبو سفيان حتى وقف عليه،‏ فقال:‏ إنك لم تصب إذ خرجت بابنته علانية على رؤوس
الناس من بين أظهرنا،‏ إن ذلك عن ذل أصابنا عن مصيبتنا التي كانت،‏ وإن ذلك منا ضعف
ووهن،‏ ولعمري ما لنا بها عن أبيها من حاجة،‏ وما لنا في ذلك من ثورة،‏ ولكن رجع بالمرأة
حتى إذا هدأت الأصوات،‏ وتحدثت الناس أننا قد رددناها،‏ فسل ّها سرا ً وألحقها بأبيها،‏ ففعل ».
وفي الروايات،‏ أن الذين طاردوا زينبا ً،‏ كان هبار بن الأسود،‏ ونافع بن عبد القيس،‏
فروعاها فأفرغت بطنها وكانت حاملا ً،‏ ولما رجع الرجلان إلى مكة،‏ قابلتهما هند تذمهما
وتقول:‏
أفي السلم أعيار جفاء وغلظة
(٤٣)
وفي الحرب أشباه النساء العوارك
‏(والنساء العوارك هن الغوانج).‏ أما النبي فكان له موقف آخر من الرجلين،‏ إذ أمر
ببعث سرية،‏ أمر رجالها أن يظفروا بهبار ونافع،‏ وأن يحرقوهما بالنار جزاء ما قدمت يداهما
في حق ابنته،‏ لكنه عاد فأرسل لهم قبل خرجوهم:‏
إني كنت أمرتكم بتحريق هذين الرجلين،‏ إن أخذتموهما،‏ ثم رأيت
أنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بالنار إلا االله،‏ فإن ظفرتم بهما فاقتلوهما.‏
ويتابع ابن اسحق راوي السيرة فيقول:‏ » وأقام أبو العاص بمكة،‏ وأقامت زينب عند
رسول االله بالمدينة،‏ حين فرق الإسلام بينهما،‏ حتى إذا كان قبيل الفتح،‏ خرج أبو العاص
تاجرا ً إلى الشام وكان رجلا ً مأمونا ً بماله وأموال رجال لقريش أبضعوها معه،‏
(٤٣) نفسه:‏ ص‎٣٣١‎‏.‏
١٩٠
© Muhammadanism.org