31.03.2015 Views

قراءة اجتماعية سياسية للسيرة النبويّة - Muhammadanism

قراءة اجتماعية سياسية للسيرة النبويّة - Muhammadanism

قراءة اجتماعية سياسية للسيرة النبويّة - Muhammadanism

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

© <strong>Muhammadanism</strong>.org — All rights reserved.<br />

النسخ في الوحى<br />

﴿<br />

اختراع اللوحة الثلاثية.‏ ومن هنا سنحاول فهم واقع الحال مرة أخرى،‏ مرتبط ًا بمراحل تواتر<br />

الوحي،‏ ومن خلال الإشارات والشذرات والشهادات التي قدمها علماؤنا القدامى،‏ والتي تشير<br />

إلى ما حدث خلال ثلاثة وعشرين عام ًا،‏ استغرقها تواتر الوحي القرآني،‏ وكانت كفيلة<br />

بالتعامل معه كنص تاريخي،‏ إضافة لكونه نص ًا عقدي ًا وأدبي ًا.‏<br />

ولقد كان تواتر الوحي خلال تلك الفترة الزمنية،‏ مفرق ًا ومنجم ًا،‏ تواص ًلا مستمرا ً مع<br />

الواقع آنذاك،‏ وتفاعلا مع المستحدثات الظروفية،‏ وهو ما كان معترض المشركين الأساس،‏<br />

والذي سجلته الآيات الكريمة في قولها:‏ وق َالَ‏ ال َّذِين ك َف َروا ل َولا ن ُزلَ‏ عل َيهِ‏ ال ْق ُرآن جمل َ ًة<br />

واحِد ًة الفرقان،‏ وهي حجة تتسق مع الرؤية المثالية لمفهوم الألوهية ومفهوم النبوة،‏<br />

حيث يتسم فيها االله بالثبات المطلق،‏ وبحيث تثبت كلماته دفعة واحدة،‏ فلا تتبدل ولا تتغير،‏<br />

بحسبان كلام االله ثابتا ً ثبات ذاته.‏ وهي ذات الرؤية التي استندت إليها <strong>قراءة</strong> السالفين من علماء<br />

المسلمين في الكتاب الكريم،‏ دون أن يلتفتوا إلى أن ذلك يمكن بالفعل أن يدمر مفهوم<br />

النص ذاته،‏ بحسب ما نبه إليه ‏(د.‏ نصر أبو زيد).‏ هذا بينما،‏ كانت سيولة القرآن الكريم،‏<br />

وتدفقه على مراحل حسب المناسبة والظروف،‏ مطابقة مستمرة ودائمة بالمتغير الموضوعي،‏<br />

بحيث لم يترك النبي وبين يديه نص أولى أزلي واحد،‏ يواجه به الواقع الذي لا يتوقف عن<br />

التغاير،‏ ومن هنا استكملت الآيات إيضاحها في قولها:‏ ﴿ وق َالَ‏ ا َّلذِين ك َف َروا ل َولا ن ُزلَ‏ عل َي ‏ِه<br />

ال ْق ُرآن جمل َة ً واحِدة ً ك َذ َلِك لِن ُث َبت َ بِهِ‏ ف ُؤَادك ورت َّل ْن َاه ت َرت َي ًلا ٣٢ الفرقان.‏<br />

﴾<br />

٣٢ ﴾<br />

لقد تحولت النبوة عن نهج الإبهار بالإعجاز الساحر،‏ فلم تأخذ بعصا سحرية تفعل<br />

الأعاجيب،‏ ولا بتمتمات تحيي الموتى،‏ وإنما أصحبت فرزا ً صادقا ً يتطابق مع واقعها<br />

الزمكاني،‏ وهو ما جعل الوحي بالنسبة للنبي محمد يختلف عن الوحي الإيهامي والإلهامي.‏<br />

لقد تحول باليقين إلى الواقع ليتفاعل معه،‏ يقرأ الواقع،‏ ويجيب على أسئلته،‏ ويساهم في حل<br />

إشكالياته،‏ يرتبط بالأرض ومصالح ناسها ومطالبهم،‏ بحسبان الناس<br />

٥٧١<br />

© <strong>Muhammadanism</strong>.org

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!