قراءة اجتماعية سياسية للسيرة النبويّة - Muhammadanism

© Muhammadanism.org — All rights reserved.
فتح الفتوح
حروب دولة الرسول
وتنتهز خزاعة الموقف فتعدو على هذيل،‏ فتقتل رجلا ً منها بثأر قديم،‏ وهنا يغضب
سيد الخلق ويقف ينادي في الناس:‏
يا أيها الناس:‏
إن االله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض،‏ فهي حرام من حرام
إلى يوم القيامة،‏ فلا يحل لامرئ يؤمن باالله واليوم الأخر أن يسفك فيها
دماء ولا يعضد فيها شجرا ً،‏ لم تحل لأحد كان قبلي،‏ ولا تحل لأحد
يكون بعدي،‏ ولم تحلل لي إلا هذه الساعة،‏ غضبا ً على أهلها،‏ ثم
رجعت كحرمتها بالأمس.‏ فليبلغ الشاهد منكم الغائب،‏ فمن قال لكم إن
رسول االله قاتل فيها فقولوا:‏ إن االله قد أحلها لرسول االله ولم يحلها
لكم،‏ يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل،‏ لقد كثر القتل
.
(٢٦)
وهكذا،‏ وقفت الأنصار دهشة،‏ كما وقفت قريش أيضا ً مأخوذة،‏ فالنبي يكف أيدي
الأنصار عن مكة،‏ ويكف أيدي الناس عن بعضهم البعض،‏ ويعلن حرمة البيت إلى نهاية
الدهور،‏ ويطلق أهل مكة دون شروط،‏ ويمارس طقوس قريش الدينية بتمامها،‏ حتى تجديد
الأنصاب،‏ واحترام الحجر الأسود وتقديسه.‏ لتتساءل الأنصار متوجسة بالهواجس عما سيئول
إليه الأمر،‏ وهل من الممكن للنبي بعد أن تحرك رحمة لبلده أن يمكث فيها بين أهله؟ لكن
ليأتيها الجواب من رسول االله : » معاذ االله،‏ إني عبد االله ورسوله،‏ هاجرت إلى االله وإليكم،‏
فالمحيا محياكم والممات مماتكم « فأقبلوا إليه يبكون ويقولون:‏ ما قلنا الذي قلنا،‏ إلا
للضن باالله ورسوله
» واالله
.
(٢٧)
«
نفسه:‏ ص‎٩٤‎‏،‏
نفسه:‏ ص‎٩٥‎‏،‏ انظر أيضا ً ابن كثير:‏ البداية..‏ سبق ذكره،‏ ج‎٤‎‏،‏ ص‎٣٠٦‎‏.‏
٤٨٩
.٩٥
(٢٦)
(٢٧)
© Muhammadanism.org