23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

177<br />

2 0 1 1<br />

اخلارجية ل تستثري استجابة البالغ بشكل مباشر على<br />

عكس ما نشاهده يف ‏سلوك الأطفال.‏<br />

ومن اأجل الستدلل على اأهمية التاأثري الذي ميارسه<br />

الوسط الثقايف مبحدداته املتنوعة،‏ يلجاأ فيكوتسكي<br />

اإىل تاريخية الظاهرة السيكولوجية،‏ فالإنسان يف ‏شتى<br />

بقاع العامل يتمتع بالرتكيبة البيولوجية نفسها،‏ ولكن<br />

الختاف يف التكوينات السيكولوجية هو على اأشده بني<br />

الشعوب واجلماعات الإنسانية،‏ فالثابت هو الرتكيبة<br />

البيولوجية،‏ واملتغري هو الطابع السيكولوجي للمجتمعات<br />

الإنسانية،‏ وهذا يثبت باأن الثقايف هو الذي يحدد<br />

البيولوجي وينمطه ويهندس له معامل وجوده.‏<br />

وهذا يعني اأن التطور الثقايف يوؤثر يف التكوين<br />

البيولوجي للفرد،‏ ويحوله من جمرد اآلية بيولوجية ‏صرفة<br />

اإىل فعالية ثقافية معقده.‏ فالعمليات البيولوجية الدماغية<br />

يف مرحلة الطفولة تعمل على توصيل املعلومات،‏ ولكنها<br />

ل حتدد كيفية تنظيم املعلومات و استخدامها،‏ فهي تنقل<br />

العمليات احلسية والإدراكية بني الفرد والعامل اخلارجي<br />

وتلك هي الوظيفة التي توؤديها اخلايا العصبية،‏ فتعمل<br />

على نقل املعلومات من منطقة لأخرى يف دماغ الكائن<br />

احلي،‏ ثم ياأتي لحقا العامل الثقايف الذي يقوم بتنظيم<br />

تلك املعلومات باإصارات ورموز ومعاين ذات طابع<br />

ثقايف،‏ حيث ترتاجع الآليات الطبيعية وتفقد وظيفتها<br />

التحريضية و تعمل فقط كوسيط للعملية الذهنية.‏<br />

وهكذا فاإن تراجع الدوافع البيولوجية يشكل ‏شرطا<br />

‏ضروريا يف اجتاه بناء الظواهر السيكولوجية؛ فالطفل<br />

يف بداية حياته،‏ وفقا لفيكوتسكي،‏ يتكيف عرب اآليات<br />

عضوية وحسية ‏صرفة،‏ وبالتايل فاإن خمتلف مظاهر<br />

حياته التي تتمثل يف الراحة والقلق والتوتر والهدوء<br />

والأمل والإحساس بالدفء تتم بصورة عفوية طبيعة<br />

ارتكاسية،‏ وعندما تتوقف العمليات البيولوجية الصرفة<br />

عن توجيه حياة الطفل،‏ تبداأ قدرة الطفل على اإدراك<br />

العامل اخلارجي بوصفه ذاتا عارفة مستقلة.‏ وهذا يعني<br />

اأن الطفل يصبح قادرا على ممارسة الإدراك و اكتشاف<br />

احلقيقة اخلارجية التي حتيط بكيانه البيولوجي،‏<br />

وهذا الأمر يستغرق نصف عام من عمر الطفل حيث<br />

يبداأ نظامه الإدراكي بالظهور على ‏صورة ‏سيكولوجية<br />

متمايزة،‏ وهذا يعني يف نهاية املطاف اأن اإدراك احلقيقة<br />

يتطلب اإزاحة العمليات البيولوجية كاأساس للخربة،‏<br />

والسماح للعامل اخلارجي باأن يحتك بالكائن احلي ويوؤثر<br />

يف اإدراكه.‏ وهنا يجب اأن ناأخذ بعني العتبار اأن العامل<br />

اخلارجي مبثرياته وعناصره املتنوعة ل يحدد الطبيعة<br />

الإدراكية للطفل،‏ وذلك لأن اإدراك الطفل للعامل<br />

اخلارجي يستند اإىل خرباته وفعالياته السيكولوجية<br />

السابقة،‏ التي ترسم له الصورة الإدراكية لعناصر<br />

الوسط الذي يعيش فيه.‏ فالطفل ل يدرك ‏صورة العامل<br />

اخلارجي بعينيه املجردتني،‏ بل يدركه بخرباته السابقة<br />

ومدركاته ومعاناته السيكولوجية املرتسمة يف مراحل<br />

زمنية متقدمة،‏ وهذا يوؤدي اإىل اإضفاء الطابع الذاتي<br />

على الأشياء املدركة،‏ اأي ما ميكن اأن نسميه ذاتية<br />

الإدراك،‏ اأو ما ميكن اأن يطلق عليه اخلصائص الذاتية<br />

للعامل اخلارجي.‏ وعلى هذا النحو تكون البيئة املحيطة<br />

بالفرد بيئة اجتماعية ثقافية حتى عندما تاأخذ هيئة<br />

طبيعية،‏ لأن العامل الثقايف الجتماعي دائم احلضور<br />

والتاأثري يف التكوينات النفسية البيولوجية.‏ فالعمليات<br />

البيولوجية الصرفة تقوم بنقل اخلواص املادية للأشياء<br />

مثل اللون واحلجم و الشكل من الأشياء املدركة اإىل<br />

العقل املدرك،‏ ومع ذلك فاإن هذه املدركات املتعلقة بتلك<br />

الأشياء تتلون بطابع اخلربات الجتماعية و الثقافية<br />

للفرد املعني.‏<br />

لقد تاأكد هذا التصور للعاقة بني اخلربة السابقة،‏<br />

وعملية الإدراك يف اأبحاث هيلمولتز،‏ حيث يعلن باأن<br />

‏»اخلربات السابقة،‏ تعمل بالعاقة مع الإحساس احلايل<br />

لإنتاج اإدراك حسي جديد،‏ وبالتايل فاإن الإدراك احلسي<br />

الذي ينبع من اخلربة ل يقل اأهمية عن الإدراك الذي<br />

يستمد من الإحساس املباشر الآين«.‏ و باملثل فقد اأوضح<br />

زمياك )1961( باأنه يف الأجناس العليا من الكائنات<br />

احلية،‏ توجد اأدلة كثرية على اأن الأمل ليس جمرد وظيفة<br />

للدللة على مدى الضرر اجلسدي،‏ فهناك نوع من الأمل<br />

الذي حتدده الأسباب املوؤدية اإليه مثل الآلم املعنوية،‏ ومن<br />

الواضح مبكان اأن دللة الأمل وطبيعته ودواعيه تختلف<br />

مقاربات

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!