23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

2 0 1 1<br />

98<br />

يف الرواية اأبدً‏ ا على نحو مباشر،‏ واإمنا وصلنا ‏صوته<br />

ومضمون كامه عرب ما يرتدد بني الناس يف السرادقات،‏<br />

وعرب حكي الآخرين،‏ خصوصً‏ ا ذلك الرحالة البندقي<br />

الذي يشبه الغيطاين من وجوه كثرية:‏ فكل منهما ينظر<br />

اإىل عامل القاهرة اململوكية من خارجه ‏)مكانًا وثقافة يف<br />

حالة الرحالة،‏ وزمانًا يف حالة الغيطاين(،‏ وكل منهما<br />

معنيٌّ‏ باأمر الزيني بركات عناية خاصة،‏ وكل منهما<br />

رحالة معنيٌّ‏ باأمر البشر يف اأزمنة واأمكنة خمتلفة من<br />

العامل،‏ وكل منهما ‏صديق ‏صريح لبن اإياس،‏ يتخذ منه<br />

وسيطً‏ ا اأمينًا بينه وبني عامل القاهرة اململوكية ذاك،‏<br />

وينقل عنه نصوصه وروؤيته.‏<br />

ليس للزيني كما ترسمه الرواية مامح واضحة؛<br />

فدائمً‏ ا هناك حواجز بينه وبني العيون التي تراه،‏ حتى<br />

حني يراه الرحالة يف خطبة الأزهر الشهرية،‏ ل يراه<br />

اإل وسط هالة من الإعجاب والرهبة،‏ ومن مسافة ل<br />

تسمح بالوضوح،‏ اأو من وراء لثام كما يحدث يف املشهد<br />

اخلتامي،‏ وبحيث ل يتوقف اإل عند اأصياء مراوغة<br />

ك»نربات ‏صوته«،‏ و»ملعة عينيه«،‏ وهو الأمر الذي يزيد<br />

‏صورة البطل التاريخي غموضً‏ ا على غموضها،‏ بحيث<br />

تبقى يف الوضع الذي كانت عليه بالنسبة ملعاصريها يف<br />

الواقع التاريخي:‏<br />

».. بيني الناس ‏سرت همهمة،‏<br />

دوائر تتسع تتسع بعد اإلقاء حجر<br />

يف مياه ‏ساكنة،‏ تعلقت العيون باملنرب<br />

اخلشبي،‏ وفوق السالمل اخلشبية<br />

طلع حاكم القاهرة،‏ حمتسب الديار<br />

املصرية،‏ الزيني بركات بن موسى،‏<br />

اأصغيت مرهفًا،‏ حديثه عامي اللهجة،‏<br />

وهذا يخالف االأصول على حد علمي،‏<br />

اضطررت اإىل اإحاطة اأذين حينًا بيدي<br />

حتى اأسمع ما يقول،‏ بداأ لينًا ثم<br />

عال..‏ وهنا متهّل ‏صوت الزيني..‏ هنا<br />

توقف احلديث وبداأ التاأثر يف لهجة<br />

الزيني .. عال ‏صوت ابن موسى،‏ راأيته<br />

يضرب ‏صدره بيده .. فوق املنرب وقف<br />

ابن موسى ‏صامتًا،‏ راأسه مطرق،‏ يداه<br />

تضمان طرف عباءته السوداء«‏ ‏)ص<br />

)202-200<br />

‏»..راأيت رجاالً‏ كثرين .. لكني<br />

مل اأر مثل بريق عينيه،‏ ملعانهما،‏<br />

خالل احلديث تضيقان،‏ حدقتي قط<br />

يف ‏سواد ليلي،‏ عيناه خلقتا لتنفذا يف<br />

‏ضباب البالد الشمالية،‏ يف ظالمها،‏<br />

عرب ‏صمتها املطبق،‏ ال يرى الوجه<br />

واملالمح،‏ اإمنا ينفذ اإىل قاع اجلمجمة،‏<br />

اإىل ‏ضلوع الصدر،‏ يكشف املخباأ من<br />

االآمال،‏ حقيقة املشاعر،‏ يف مالحمه<br />

ذكاء براق،‏ اإغماضة عينيه فيها رقة<br />

وطيبة تدين الروح منه،‏ يف نفس<br />

الوقت تبعث الرهبة ..« ‏)ص 10(<br />

‏»..حاذاين الركب وراأيت الزيني<br />

يضع لثامً‏ ‏ا حول وجهه،‏ ال اأذكر<br />

مالحمه فلم األتق به اإال مرة واحدة،‏<br />

البد اأن اأسعى اإليه..«‏ ‏)ص 283(<br />

مل يكن الغيطاين يصعى اإذن،‏<br />

اإىل جمرد كتابة رواية تاريخية،‏ واإمنا كان<br />

مسعاه – متامً‏ ا مثل كثريين من اأبناء جيله –<br />

اإىل افرتاع هوية اإبداعية جديدة )53( ، تائم<br />

منظوره اجلديد الذي يختلف عن منظور جيل<br />

الواقعيني السابق عليه،‏ والذي مثلته هنا رواية<br />

‏سعد مكاوي على وجه اخلصوص.‏ وهكذا لعب<br />

التجريب بالتقنيات الدور الأكرب يف جتسيد<br />

هذا املنظور وهذه الهوية الإبداعية اجلديدة،‏<br />

وخاصة فيما يتصل بطبيعة العاقة مع مواد<br />

املوروث السردي واأساليبه.‏<br />

)7(<br />

تناولت الروايات الثاث الفرتة<br />

التاريخية نفسها ‏)نهايات العصر اململوكي(،‏<br />

واستخدمت اأساليب ثاثة خمتلفة يف التعبري<br />

كما راأينا.‏ والصوؤال الذي ميكن طرحه يف<br />

اخلتام هو:‏ اإىل اأي مدى جنحت كل رواية من<br />

الروايات الثاث يف تقدمي جوانب من هموم<br />

املعيشة،‏ اأو حياة الناس اليومية يف ذلك<br />

الزمن البعيد؟<br />

ل ترتبط الإجابة عن هذا الصوؤال باحلقائق

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!