23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

2 0 1 1<br />

24<br />

وفحص الوسواس والإغواء الذي يداخل النفس والقلب.‏<br />

واأخريا،‏ فاإن معرفة النفس ليس لها يف املسيحية تلك<br />

الوظيفة التي تقتضي الرجوع والعودة اإىل النفس من<br />

خال فعل التذكر،‏ واإيجاد احلقيقة التي تتاأملها،‏ وذلك<br />

لأن العودة اإىل النفس تكون من اأجل التخلي واإنكار<br />

النفس لذاتها .”renonciation“ وعليه،‏ فاإن منوذج<br />

الهتمام بالنفس يف املسيحية يتكون من ثاث نقاط<br />

مرتابطة:‏ اأو ل،‏ عاقة دائرية ما بني حقيقة النص<br />

ومعرفة النفس.‏ ثانيا،‏ طريقة يف التفسري من اأجل<br />

معرفة النفس.‏ واأخريا،‏ فاإن الهدف هو اإنكار النفس.‏<br />

وما بني هذين النموذجني املعروفني،‏ اأي النموذج<br />

الأفاطوين والنموذج املسيحي،‏ هنالك يف نظر ميشيل<br />

فوكو،‏ منوذج ثالث هو النموذج الفلسفي كما ‏صاغته<br />

املدارس الفلسفية املتاأخرة،‏ وبخاصة املدرسة الرواقية<br />

وهو الذي ميثل الزهد الفلسفي )57( .<br />

واإذا كان النموذج الأفاطوين التذكري،‏ والنموذج<br />

املسيحي التفسريي قد متيزا بهيمنتهما وسيطرتهما<br />

على تاريخ الفكر طوال العصر الوسيط والعصر احلديث،‏<br />

فاإن هذا ل ينفي وجود منوذج ثالث خمتلف عنهما لأنه<br />

ل مياهي بني الهتمام بالنفس ومعرفة النفس،‏ واإمنا<br />

مييل بالعكس اإىل تقوية وتفضيل الهتمام بالنفس،‏ اأو<br />

يحافظ على الأقل على استقالها مقارنة مبعرفة النفس<br />

التي اأصبحت لها مكانة حمددة وضيقة للغاية،‏ وهو على<br />

خاف النموذج املسيحي لأنه ل مييل اإطاقا اإىل تفسري<br />

النفس،‏ ول اإىل اإنكار النفس،‏ واإمنا مييل ويتجه بالعكس<br />

اإىل تكوين النفس باعتبارها هدفا يجب بلوغه وحتقيقه.‏<br />

والشيء الذي مييزه عن النموذج املسيحي املتمركز<br />

حول التحقيق الغائي ”finalisation-auto“ للعاقة<br />

بالنفس هو كونه ميثل الوسط الذي ‏شكل الأخاق<br />

التي ‏ستستقبلها وترثها املسيحية التي ‏ستقوم بتوطينها<br />

واإعدادها يف ‏صورة ‏“اأخاق مسيحية”،‏ كما بينا ذلك<br />

يف العنصر اخلاص باجلنس.‏<br />

واإذا كان الزهد الفلسفي كما ‏صاغته الرواقية<br />

يختلف عن النموذج الأفاطوين واملسيحي،‏ فاإن الصوؤال<br />

الواجب طرحه هو ما طبيعة هذا الزهد؟ يرى ميشيل<br />

فوكو اأن الزهد يشكل نوعا من املمارسة التي تضمن<br />

حتول النفس التي ل تخضع لقانون ‏سابق،‏ واإمنا ترتبط<br />

مبمارسة احلقيقة،‏ اأو بالأحرى بعاقة الذات باحلقيقة،‏<br />

وتتمثل غايته يف:‏ ‏“الوصول اإىل نوع من العاقة مع<br />

النفس تكون فيها النفس ممتلئة ومنجزة وكاملة<br />

ومكتفية بذاتها وقابلة لأن حتقق السعادة”‏ )58( . ويعتمد<br />

هذا الزهد الفلسفي على بعض القواعد التي جندها يف<br />

الأشكال الأخرى من الزهد،‏ وبخاصة الزهد املسيحي.‏<br />

ومن هذه القواعد على ‏سبيل املثال التقشف،‏ اإل اأن<br />

طبيعة الوسائل التي تستخدم لبلوغ هذا الهدف النهائي<br />

تختلف عن وسائل الزهد املسيحي.‏ وتتمثل هذه القواعد<br />

يف الستعداد الذي يسمح بحماية النفس،‏ وميكنها من<br />

بلوغ غايتها.‏ ولذا فاإن ما مييز الزهد الفلسفي يف نظر<br />

ميشيل فوكو هو كونه ‏“يجهِّ‏ ز ويعدُّ‏ وميكِّ‏ ن النفس”‏ )59( .<br />

ولكن مباذا يعدُّ‏ هذه النفس/الذات؟ انه يعدُّها ويهيّوؤها<br />

بشيء يسمى يف اليونانية ب“‏paraskeue‏”،‏ الذي<br />

ترجمه ‏سيناك اإىل الاتينية ب:“‏instruction‏”،‏ اأي<br />

الإعداد والتجهيز.‏<br />

وعليه،‏ فاإن الزهد له وظيفة اإعداد النفس وتهييئها<br />

ملختلف اأحداث احلياة،‏ والغاية منه هو حتضري وتهيئة<br />

الفرد ملستقبل يتكون من اأحداث غري معروفة،‏ ول ميكن<br />

التنبوؤ بها،‏ اأحداث من املمكن اأن نعرف طبيعتها عموما،‏<br />

ولكننا ل نعرف متى ‏ستحدث،‏ واإن كانت ‏ستحدث اأم ل،‏<br />

ومن ثم فاإن الأمر يتعلق يف الزهد الفلسفي باإيجاد نوع من<br />

التحضري والإعداد والتهيئة بحيث يكون مائما ومناسبا<br />

ملختلف متطلبات احلياة.‏ ويظهر هذا الإعداد يف تلك<br />

اخلطابات الصحيحة والصادقة التي تتزود بها النفس<br />

بحيث تتحول تلك اإىل خطابات وخلق“‏discourse‏/‏<br />

،”ethos اأو اإىل:“جمموعة من التمارين املرتابطة<br />

الضرورية والازمة واملطلوبة،‏ ومن املمكن اأن تكون<br />

اإجبارية اإىل حد ما،‏ ومستعملة على كل حال من قبل<br />

الأفراد يف نظام اأخاقي وفلسفي وديني،‏ وذلك بغية<br />

الوصول اإىل هدف روحي حمدد.‏ واملقصود بال”الهدف<br />

الروحي”‏ نوع من التغّري والتحول يف النفس نحومعرفة<br />

احلقيقة”‏ )60( . ويتمثل هذا التحول يف ما اأصطلح عليه

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!