23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

2 0 1 1<br />

96<br />

فقهيًّا حول بدعة الفوانيس،‏ وشكاوى ل تنتهي للشيخ<br />

اأبي السعود اجلارحي،‏ وشكوكً‏ ا متلأ نفوس الناس من<br />

بعضهم البعض،‏ وحكايات ‏صغرية هنا وهناك،‏ والأزهر<br />

وطابه،‏ واحلرفيني وباعة احللوى..اإلخ.‏ اإن هموم املعيشة<br />

اليومية وحياة الناس العاديني،‏ هي الأرضية التي تنهض<br />

عليها حكاية الزيني بركات وصراعاته مع الآخرين،‏ هي<br />

اخللفية الأوسع والأعمق ملشهد التعذيب ولذة التجسس<br />

التي تتصدر املشهد وتداعب خيال اأصحابها املقتنعني<br />

اإىل درجة املرض.‏ ينقل لنا الراوي املجهول املختفي<br />

العليم ما ‏سُ‏ مع زكريا بن راضي يقوله ‏»دائمً‏ ا«‏ لأعوانه<br />

املقربني،‏ حول رسالة التجسس اخلالدة:‏<br />

‏»..هنا تتلخص الديار املصرية،‏<br />

دائمً‏ ا يقول زكريا الأعوانه املقربني،‏<br />

عندما اأود الذهاب اإىل اأي بلدة يف<br />

مصر ال اأبتعد عن بيتي،‏ اأجيء اإىل<br />

هنا،‏ لكل بلدة قسم،‏ لكل قرية،‏ اأي<br />

كوم اأو عزبة،‏ اأي اإقطاع يف بر مصر<br />

من اأدناها اإىل اأقصاها،‏ كل دفرت<br />

يحوي اأوصاف املكان،‏ ما اشتهر<br />

به،‏ ثم اأهم االأشخاص فيه،‏ كافة<br />

ما يتوافر عنهم،‏ القسم اخلاص<br />

بالقاهرة يحوي حاراتها وخططها<br />

وجوامعها،‏ رجالها وشيوخها ونساءها<br />

وغلمانها وجواريها وبيوت اخلطاأ<br />

فيها وشرطتها وعسسها وفقهاءها<br />

وحماماتها واأسواقها وخاناتها<br />

وطوائفها ومغنياتها ومالهيها،‏<br />

واأسماء االأروام املقيمني والقادمني<br />

والراحليني واالإفرجن العابرين،‏<br />

ومن يتصل بهم،‏ يترتدد عليهم من<br />

املصريني،‏ كل اأمر كبر اأو ‏صغر هنا،‏<br />

اأما االأمراء واأعيان الناس ومشاهر<br />

اخللق فكل ما يتعلق بهم،‏ اأمزجتهم<br />

وعاداتهم،‏ مشاربهم واأهواوؤهم،‏ ما مر<br />

بهم من اأفراح واأتراح كله هنا،‏ يقول<br />

زكريا متباهيًا،‏ هذا القسم يف الديوان<br />

مفخرة للسلطان وغرة يف جبني<br />

السلطنة املصرية،‏ مل يحدث قط اأن<br />

اأعد ‏شيء كهذا يف تاريخ اأي بصاص<br />

مصري اأو اإفرجني،‏ وباإذن اهلل العليم<br />

القريب ‏سيجيء يوم يصبح لكل<br />

اإنسان قسم خاص به،‏ يلخصه منذ<br />

رعشة امليالد حتى اآهة املوت ..«<br />

‏)ص 37-36(<br />

واللغات املتعددة املستويات تاريخيًّا واجتماعيًّا،‏<br />

لعبة اأخرى تضاف اإىل األعاب هذه الرواية وتساعدها<br />

يف الإمساك بهذا العامل املضطرب؛ فمن اللغة العربية<br />

املصرية ذات الطابع اخلاص والباغة اخلاصة،‏ واملبنية<br />

بوضوح على لغة ابن اإياس،‏ اإىل لغة النداءات التحذيرية<br />

اجلازمة احلازمة،‏ اإىل اللغة الدينية التي تداعب خيال<br />

العامة باقتباساتها من القراآن الكرمي واحلديث الشريف<br />

ومستودع احلكم العربية،‏ اإىل لغة الراوي العليم التي ل<br />

تكاد تختلف عن لغة الغيطاين يف اأعماله القصصية<br />

الأخرى،‏ بتدفقها وجملها القصرية وغنائيتها وصورها<br />

اأحيانًا،‏ اإىل لغة الرحالة البندقي التي ل تختلف كثريًا<br />

عن لغة الراوي العليم،‏ اإىل مستوى اآخر من اللغة ملتبس<br />

بني زمن العصر اململوكي)زمن العسس والبصاصني(‏<br />

وزمن الستينات من القرن العشرين ‏)زمن املخابرات<br />

الثورية(،‏ وهو مستوى قد تعكسه عبارات مقتضبة<br />

ماأخوذة يف الغالب من العامية املصرية املمتدة،‏ وذهبت<br />

مضرب الأمثال،‏ مثل ‏“عد غنماتك يا جحا”‏ اأو ‏“تسمح<br />

معانا”.‏<br />

لقد كُ‏ تبت ‏“السائرون نيامً‏ ا”‏ كما ذكرتُ‏ يف اأوائل<br />

الستينات،‏ ونُشرت فصولها قبل اأن تقع هزمية 1967<br />

بحوايل اأربع ‏سنوات،‏ بينما كتبت ‏“الزيني بركات”‏<br />

يف عامي 1970 و‎1971‎‏،‏ وفقً‏ ا ملا تشري اإليه ماحظة<br />

املوؤلف يف نهاية نص الرواية ، ونشرت الرواية لأول مرة<br />

يف دمشق عام 1974، اأي بعد وقوع الهزمية والرتاجع<br />

النسبي لدولة املخابرات ومراكز القوى.‏ وهذا اأمر<br />

يدعو من جديد اإىل تاأمل طبيعة العاقة بني اجلانب<br />

الذي تستدعيه الرواية من التاريخ وطريقة الستدعاء<br />

من ناحية،‏ والرسالة التي توجهها حلاضرها من ناحية<br />

اأخرى.‏<br />

يبدو اأن الإنسان – كما يقول باصار – ل يتذكر<br />

ماضيه مبجرد التكرار،‏ واإمنا هو يف كل الأحوال يعيد<br />

تركيبه،‏ واأن الذاكرة تكتمل يف الصمت،‏ وتتضح وتكتمل

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!