23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

63<br />

2 0 1 1<br />

نفسه مل يكمل النظر فيهما اإل يف زمن طويل؟«‏ )19( .<br />

وهكذا يظهر اأن التمثيل بالفقه اأقرب من التمثيل بعلوم<br />

التعاليم.‏ لكنه اأقرب بالنسبة اإىل من؟<br />

اإن انتقاء ابن رشد للمثال الذي يشهد بشكل قطعي<br />

لضرورة استعانة باملتاأخر املتقدم،‏ مل يكن عفويا تلقائيا<br />

بل كان مقيدا بخلفيات معرفية وتداولية هي التي حكمت<br />

ذلك الختيار بالذات،‏ وهو ما ‏سناأتي اإليه بعد قليل.‏<br />

‏صحيح اأن ما يصدق على علم التعاليم يصدق على<br />

الفقه،‏ اإذ اأنه ‏»لو رام اإنسان اليوم من تلقاء نفسه اأن<br />

يقف على جميع احلجج التي استنبطها النظار من اأهل<br />

املذاهب يف مسائل اخلاف التي وقعت املناظرة فيها<br />

بينهم يف معظم باد الإصام - ما عدا املغرب - فكان<br />

اأهاً‏ اأن يضحك منه،‏ لكون ذلك ممتنعاً‏ يف حقه مع<br />

وجود ذلك مفروغاً‏ منه«‏ )20( . وهذا اأمر بنيّ‏ بنفسه يف<br />

الصنائع العملية.‏<br />

مل يرد اأمر التمثيل بالفقه اإل يف ‏سياق التمثيل<br />

بالصناعة العملية عموما،‏ اأعني التمثيل باحلقيقة التي<br />

مفادها اأنه ليس من الصناعات ‏»واحدة يقدر اأن ينشئها<br />

واحد بعينه«.‏ وملا كان الفقه ‏صناعة عملية،‏ ‏صار التمثيل<br />

به نافعا يف اإظهار احلكم بوجوب التعاون بني العلماء.‏<br />

ويجب اأن نضيف اأنه ليس فقط ملكان عملية ‏صناعة<br />

الفقه حصل هذا التمثيل،‏ واإمنا ملكان اأن ابن رشد<br />

نفسه قد خَ‏ رب اأمر ‏صناعة الفقه عن قرب،‏ لذلك كان<br />

التمثيل بالفقه يف احلقيقة متثيا بالنموذج الذي هو ابن<br />

رشد نفسه،‏ ابن رشد الفقيه الذي األف كتابا يف مسائل<br />

اخلاف بني املذاهب،‏ اأعني كتاب ‏»بداية املجتهد ونهاية<br />

املقتصد«،‏ الذي عُ‏ دّ‏ كتابا عمدة يف الفقه املقارن.‏<br />

لكن يبدو لنا اأن ما دعا ابن رشد اإىل استبدال مثال<br />

علوم التعاليم ليس فقط ما ذكرنا،‏ اأعني التمثيل بصناعة<br />

عملية وبصناعة مارسها وخربها،‏ بل لعله اأمر اآخر،‏<br />

يجعل مثال علم التعاليم اإذا قارناه مبثال الفقهيات اأقل<br />

جناعة يف استيفاء الغرض من التمثيل.‏ فاإذا اأخذنا بعني<br />

العتبار اإشارته اإىل اأن احلقيقة اأو املقدمة التعاليمية<br />

التالية:‏ ‏»الشمس اأعظم من الأرض بنحو مائة وخمسني<br />

‏ضعفاً‏ اأو ‏ستني«‏ )21( ، هي مما قام عليه الربهان يف علم<br />

الهيئة،‏ فاإنه يجب اأن نقول اإن هذه احلقيقة ليست بينة<br />

بذاتها اإل عند من هو من اأصحاب علم الهيئة،‏ هذا اإن<br />

كانت كذلك بالفعل.‏ وابن رشد،‏ فوق ذلك،‏ ل يتوجه بهذا<br />

املثال اإىل اأصحاب علم الهيئة،‏ واإمنا اإىل فئة من الناس<br />

ليست من اأهل العلم بالصناعات وبشروط اإنشائها<br />

وحفظها وتطويرها،‏ لأن من هو من علماء الهيئة يبدو<br />

يف غنى عن هذا القول ما دام ابن رشد يعتربه اأمرا بينّا<br />

بذاته.‏ فهو ل يتوجه بالقول اإل اإىل من يشكك يف اأمر<br />

التعاون بني الناس يف اإنشاء العلوم والصناعات،‏ اإىل<br />

من يعتقد اأن العلم قد يصدر عن قوة غري بشرية.‏ لهذا<br />

رمبا كان مضطرا اإىل التخلي عن مثال العلم التعاليمي<br />

واستبداله بعلم الفقه،‏ لأن املثال الفقهي،‏ مقارنة باملثال<br />

التعاليمي،‏ قريب املاأخذ عند املخاطب،‏ مستوف بشرط<br />

الظهور له،‏ وهو عنده مبثابة مقدمة حممودة.‏<br />

هكذا يكون ابن رشد قد خضع،‏ يف هذا التمثيل<br />

اأيضا،‏ اإىل دواع تداولية اأخذ فيها بعني العتبار ‏شروطَ‏<br />

املُخاطَ‏ ب اأكرث مما اأخذ ‏شروط اخلطاب ذاته.‏ وقد كان<br />

ذلك على حساب وثاقة املثال،‏ ذلك لأنه من الأنسب،‏ من<br />

ناحية الوثاقة،‏ التمثيل بصناعة الهيئة والهندسة لوجوب<br />

استعانة املتاأخر باملتقدم يف ‏صناعة املنطق والفلسفة،‏<br />

مادامت علوم التعاليم عموما ل تَعلّقَ‏ لها بعقيدة بعينها،‏<br />

واأنها يقينية،‏ بينما الفقه ‏صناعة ظنية.‏<br />

ويف هذا السياق ل بد من الإشارة اإىل اأن من الباحثني<br />

من استغرب جلوء ابن رشد اإىل الفقه عموما لتربير قيمة<br />

الفلسفة وموضوعها،‏ بل اعترب يف هذا اللجوء ‏ضربا من<br />

‏“املفارقة”.‏ ميكن اأن نعترب كام علي اأومليل منوذج هذا<br />

الستغراب.‏ فهو ل ميل من تكرار احلديث عن ‏»استعمال<br />

ابن رشد اخلطاب الفقهي الأصويل دفاعا عن ‏شرعية<br />

الفلسفة«‏ )22( . علما اأن الفلسفة ‏صناعة برهانية والفقه<br />

‏صناعة ظنية.‏ من هنا حق للباحث اأن يتساءل ‏»فكيف<br />

اإذن يحتاج علم اأعلى ‏)الفلسفة(‏ اإىل علم اأدنى ‏)الفقه(‏<br />

لتربير قيمته وموضوعه؟ اإنه يحتاج اإىل مثل ذلك لأن<br />

املخاطب هو جمهور املجتمع الإصامي«‏ )23( . ومع اأن<br />

منطلقات واأغراض هذا الباحث تختلف عن منطلقنا<br />

وغرضنا من فحص متثيل ابن رشد باخلطاب الفقهي<br />

اأبحاث

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!