23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

2 0 1 1<br />

90<br />

وكَ‏ تبَ‏ مبشِّ‏ رً‏ ا بها على ‏صفحات املصري،‏ ثم جاءت ويا<br />

للمفارقة لتغلق – ‏ضمن ما اأغلقت – جريدة املصري<br />

هذه،‏ ولتفتح الباب لأنواع جديدة من ‏صراع العسكر على<br />

السلطة،‏ وهو املاأزق الذي يئس الرجل – على مستوى<br />

الواقع - اأن جتد مصر ‏سبياً‏ للخروج منه،‏ ولكنه مل<br />

يياأس على مستوى الفن،‏ وظل يبحث عن ‏سبيل للخروج.‏<br />

كتب الرجل عددً‏ ا هائاً‏ من القصص القصرية<br />

واملقالت طوال اخلمسينات،‏ ونشرها يف جرائد الثورة<br />

التي عمل فيها،‏ من ‏»الشعب«‏ اإىل ‏»اجلمهورية«،‏ وعرب يف<br />

بعضها اأحيانًا وبشكل األيجوري،‏ عن موقفه هذا )38( . ويف<br />

الوقت نفسه،‏ كانت تقنياته السردية تتخلى ‏شيئًا فشيئًا<br />

عن الوصف الواقعي اخلارجي البهيج بانتصاراته،‏<br />

وتتحرك يف اجتاه نوع من املونولوج املتصاعد الذي<br />

يصف الداخل ومتزقاته الأليمة )39( . وكاأنه كان يحتشد<br />

طوال هذه السنوات،‏ لكي يحصل على الصيغة التي<br />

يبلور فيها روؤيته يف اأصفى ‏صورها،‏ وكاأنه وجدها اأخريًا<br />

يف روايته هذه ‏»السائرون نيامً‏ ا«.‏<br />

مل تكن ‏»السائرون نيامً‏ ا«‏ اإذن،‏ من ‏صنع كاتب<br />

مبتدئ ل يجد املادة التي يكتب عنها،‏ اأو ل ميلك الأدوات<br />

التي يكتب بها،‏ فيلجاأ اإىل التاريخ هربًا من العناء ومن<br />

املساءلة على السواء.‏ واإمنا كانت نهاية املطاف،‏ يف بحث<br />

ممتد ومضن عن ‏صيغة مائمة.‏<br />

غري اأن ‏»السائرون نيامً‏ ا«‏ ليست جمرد حكاية رمزية<br />

‏)األيجوري(‏ ‏ساذجة،‏ تستعني بالتاريخ لكي تقول كلمتها<br />

يف واقع معاصر مرتبك تخافه ول تفهمه،‏ اأو تقيم تطابقً‏ ا<br />

اآليًّ‏ ‏ًا بني اأمراء املماليك بشخوصهم وطبيعة ‏صراعاتهم<br />

املعزولة عن مصالح الشعب وحماية الوطن من ناحية،‏<br />

وعسكر يوليو الصاعدين املتصارعني يف ظروف مشابهة<br />

من ناحية اأخرى.‏ كما اأنها ليست جمرد ‏»رواية تاريخية«‏<br />

تبتعث خطوط التاريخ املسجَّ‏ ل يف الكتب،‏ فخرً‏ ا اأو حزنًا<br />

اأو اإسقاطً‏ ا كما هي العادة يف الرواية التاريخية.‏ بل هي<br />

قبل هذا وبعده،‏ روايةٌ‏ تطرح الصوؤال الأكرب حول ‏»الرواية<br />

التاريخية«:‏ ما هي وما فلسفتها.‏<br />

اأول ما يلفت النظر يف هذه الرواية عنوانُها؛ فرمبا<br />

تكون هذه هي املرة الأوىل،‏ اأو فلنقل اإنها من املرات<br />

النادرة يف الأدب العربي احلديث ‏)ورمبا يف الآداب<br />

العاملية الأخرى(‏ التي نقراأ فيها رواية تاريخية،‏ دون اأن<br />

يكون عنوانها جزءًا من التاريخ،‏ فقد اعتدنا اأن يكون<br />

عنوان الرواية التاريخية اسم ‏شخصية تاريخية،‏ اأو اسم<br />

مكان تاريحي ، اأو اسم مدينة،‏ اأو معركة اأو حادثة اأو<br />

)40(<br />

مقولة معروفة يف التاريخ ‏..اإلخ.‏<br />

عنوان الرواية،‏ والرواية التاريخية خصوصً‏ ا،‏ هو<br />

البوابة التي يدخل منها القارئ،‏ متوقعًا ومتاأهبًا اأن<br />

يفارق عامل الواقع املعاصر،‏ واأن يدلف بخياله اإىل عامل<br />

التاريخ.‏ حني نقراأ على الغاف ‏»كفاح طيبة«،‏ اأو ‏»طارق<br />

بن زياد«،‏ اأو ‏»على باب زويلة«،‏ اأو حتى ‏»وااإصاماه«،‏<br />

فاإننا ‏سننتقل على الفور اإىل فضاء التاريخ،‏ ورمبا ينقلنا<br />

العنوان اإىل مكان حمدد،‏ فرتة اأو ‏شخصية اأو حادثة<br />

حمددة ‏سلفً‏ ا.‏ اأما حني نقراأ على الغاف ‏»السائرون<br />

نيامً‏ ا«،‏ فاإن الأفق ينفتح على احتمالت متعددة،‏ قد ل<br />

يكون من بينها احتمال الرواية التاريخية.‏<br />

‏صحيح اأن املوؤلف ‏سيبادر من البداية اإىل تنبيه<br />

القارئ يف ماحظة جانبية ومقتضبة،‏ اإىل اأن ‏»الفرتة<br />

التاريخية التي تدور فيها اأحداث هذه القصة،‏ ل تكاد<br />

تتجاوز ثاثني ‏سنة )1499-1468( من عمر ‏سلطنة<br />

املماليك التي حكمت تاريخ مصر والشرق 267 ‏سنة«‏<br />

‏)الرواية ‏س‎2‎‏(،‏ وصحيح اأن الرواية ‏ستدخلنا من<br />

فصلها الأول اإىل قاهرة املماليك،‏ واأن املوؤلف ‏سيشرح<br />

لنا بعض املصطلحات اململوكية الغامضة يف هوامش<br />

هذا الفصل )41( ، ولكننا ‏سنمضي يف قراءة الرواية<br />

- باأقسامها الثاثة،‏ وفصولها الثاثة واخلمسني،‏<br />

وشخصياتها الكثرية التي تتنوع اأسماوؤها ووظائفها،‏<br />

وتتواىل اأجيالها وماآسيها،‏ وتتوزع بني القمة احلاكمة<br />

يف قلعة اجلبل والقاع املطحون يف الأزقة والدكاكني،‏<br />

بني مدينة القاهرة اململوكية وقرية ميت جهينة يف ريف<br />

اجليزة – ‏سنقراأ هذا كله ويستغرقنا،‏ ورمبا ننتهي<br />

من قراءة الرواية،‏ وتظل الأسئلة التي طرحها العنوان<br />

معلَّقة:‏ السائرون نيامً‏ ا؟!‏ من هم؟ واإلم يسريون؟<br />

اأَهُ‏ م املجاذيب الذين ‏»يجاأرون بالدعوات«؟ اأهم<br />

العميان الذين ‏»يدقون الأرس بالعكاكيز يف غضب«؟<br />

املشوهون والعرايا الذين ل ينقطعون عن البكاء؟<br />

املجذومون الكثريون الذين ‏»يضربون ‏صدورهم املتاآكلة<br />

بقطع احلجارة يف مرارة«؟ اأهم اأبناء العامل التحتي من<br />

حرفيي املدينة واأُجَ‏ رَ‏ اء القرية ومستعبَديها؟ ويف خلفية<br />

هوؤلء يقف ‏»الشجر املهذول ورمق احلياة فيه ‏شاحب،‏<br />

والدواجن القليلة منكمشة عند كل ‏سقيفة اأو حجر

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!