23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

2 0 1 1<br />

88<br />

عن اأن تغوص يف نفوس ‏شخصياتها الرئيسية ‏)طومان،‏<br />

واأمه،‏ واأبوه مثاً(‏ التي حتمل همومً‏ ا واأبعادً‏ ا ل حدود<br />

لها.‏ اإن الراوي العليم يحكي قصته وعينه من البداية<br />

على نقطة النهاية التي يجسدها العنوان،‏ حيث الذروة<br />

الدرامية املتمثلة يف الهزمية والشنق )30( ؛ ومن ثم فاإنه<br />

يقفز قفزً‏ ا على املراحل،‏ حتى واإن تلبّث عند بعض<br />

الذرى الدرامية اخلصبة املضيئة،‏ مثل اللقاءات العابرة<br />

بني اأفراد من الأهل الغرباء،‏ ومثل املعارك احلربية بني<br />

طومان واأعدائه..‏ اإلخ.‏<br />

ومل يكن اأمام العريان وقد فاتته اإمكانات باغة<br />

الرواية،‏ اإل اأن يعتمد اأكرث فاأكرث على باغة اللغة.‏ كان<br />

الرجل معنيًّا اأكرب عناية بالأسلوب البليغ باغة لغوية،‏<br />

)31(<br />

حتى لو تناقض هذا الأسلوب مع جوهر الفن الروائي<br />

القائم على مشابهة الواقع كما قلت؛ ومن ثم فقد عاقه<br />

ذلك عن اكتشاف التفاصيل الغنية،‏ فلم تكن معرفته<br />

بفن الرواية تسمح باإدراك هذا اجلانب،‏ ومن ثم مل تكن<br />

روايته اأكرث من ‏صياغة ميلودرامية بليغة حلياة طومان<br />

باي وماأساته،‏ من ‏سطحها ل يف عمقها.‏<br />

يف بداية الرواية،‏ اجلزء الذي يقوم فيه الروائيون<br />

عادة بوصف تفاصيل العامل املحيط بشخوصهم،‏ يف<br />

تقدمية درامية تنقل القارئ اإىل مكان وزمان تاريخيني<br />

حمددين،‏ وتهيئه ملا هو مقبل عليه من اأحداث وشخوص<br />

وصراعات،‏ يتحدث العريان معتمدً‏ ا باغة النرث العربي<br />

التقليدية ل باغة الرواية الناهضة.‏ يقول:‏<br />

‏»ويف ليلة من ليايل<br />

الربيع رقراقة النسيم،‏<br />

معطارة االأرج،‏ هوى اأهل<br />

العشيرة اإىل مضاربهم<br />

هادئني وادعيني،‏ وانسرحت<br />

اأحالمهم ملا وراء هذه اجلبال<br />

الشُّ‏ مِّ‏ ، تطوِّف يف االآفاق وراء<br />

بعض من فارقهم من الفتيان<br />

والفتيات،‏ راضني اأو كارهني،‏<br />

اإىل حيث يلقَون اجلاه والغنى<br />

والسعادة،‏ اأو حيث يحتملون<br />

الهوان واملذلّة وضيق العيش<br />

واأنكاد احلياة!‏<br />

وكانت خيام العشرة<br />

متناثرة على غير نظام،‏<br />

يقرتب بعضها من بعض حينًا<br />

ويتباعد بعضها عن بعض<br />

اأحيانًا،‏ وقد اأسبغ الليل رداءه<br />

على الغور كله فال بصيص<br />

من نور،‏ وضرب الصمت<br />

على اآذان االأيقاظ والنائمني<br />

من اأهل احلي،‏ فال حس وال<br />

حركة،‏ اإال عواء كلب،‏ اأو ثغاء<br />

عنز،‏ اأو ‏ضُ‏ غاء طفل رضيع،‏<br />

واإال زفيف الريح تضرب يف<br />

مسالكها بني اخليام املتناثرة،‏<br />

فتضطرب االأطناب يف اأوتادها<br />

وتهز البيوت هزة خفيفة كما<br />

تهدهد االأم وليدها لينام!«‏<br />

‏)الرواية ‏ص 4(<br />

واإذا كانت مثل هذه اللغة مقبولة يف مطالع<br />

الروايات،‏ خصوصً‏ ا اإذا كانت مطالع رعوية تصف لياً‏<br />

وخيامً‏ ا وسهولً‏ خضراء،‏ فاإنها ‏ستبدو اأمرً‏ ا بالغ الغرابة<br />

حني توصف من خالها الوقائع والأحداث التاريخية<br />

العامة واليومية اخلاصة؛ فبعد ‏صفحات قليلة يتحدث<br />

الراوي عن عاقة قايتباي ببايزيد العثماين والد ‏سليم<br />

الأول،‏ فيقول:«‏ مل تكن الأمور يف ذلك الوقت بني بايزيد<br />

العثماين والأشرف قايتباي ‏سائرة على نهج الصفاء<br />

واملودة؛ فاإن كاًّ‏ منهما ليرتبص بصاحبه غرة يناله بها<br />

اأو ينال منه..«)ص 19( ولن يتورع الراوي بعد ‏صفحات<br />

قليلة عن استخدام السجع،‏ ليصف من خاله ‏صراع<br />

اأمراء املماليك على السلطة،‏ فيقول يف مونولوج غري<br />

مباشر يرد على ذهن قنصوه الغوري:«‏ نعم اإنه من اأقدم<br />

مماليك الأشرف قايتباي واأدناهم اإليه منزلة،‏ ولكن<br />

اأين هو من اأقربدي وقنصوه اخلمسمئي؟ واأين وسائله<br />

يف الكفاح.‏ اإنه ل ميلك املال الذي يصطنع به الأشياع،‏<br />

ول اجلاه الذي يتكرثّ‏ به من الأتباع،‏ وليس له كغريه<br />

من الأمراء جيش يعده للهجوم والدفاع..«‏ ‏)ص‎29‎‏(‏<br />

وهو مغرم مبفردات واأوصاف ثابتة يرددها يف كل وقت<br />

ويف وصف كل ‏شخص،‏ بحيث تتحول كل الشخصيات<br />

تقريبًا اإىل ‏سطح ل عمق له؛ فقنصوه الأصريف كان

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!