23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

89<br />

2 0 1 1<br />

‏»فتى يف عنفوانه،‏ واسع الذرع،‏ بعيد احليلة،‏ فسيح<br />

مطارح الآمال..«‏ ‏)ص 48( اأما اأرقم الرمال،‏ فوصفه<br />

الكاريكاتوري الثابت الذي ‏سيتكرر مرات عدة على<br />

مدار الرواية،‏ اأنه ‏»رجل مشوه اخللق،‏ اأصلم الأذن،‏<br />

معوج الساقني،‏ مستكرش البطن،‏ كاأنه ‏صرة ثياب على<br />

عصوين من قصب«‏ ‏)ص 69(<br />

كانت عناية العريان منصبة على حكي الوقائع<br />

التاريخية الرسمية،‏ ومن ثم فاإن تركيزه انصب<br />

على الشخصيات التاريخية الشهرية من احلكام<br />

وصراعاتهم.‏ اأما الأشخاص العاديون،‏ الذين هم<br />

موضوع كل رواية كبرية،‏ والذين ميكن اأن نعرف من<br />

خالهم هموم املعيشة،‏ فاأمر وقفت ‏ضده روؤية العريان<br />

للتاريخ،‏ واأسلوبه الباغي الذي ل ينتصر للغة الشارع<br />

ولغة الناس التي هي لغة الرواية،‏ واإمنا ينتصر ملفردات<br />

غريبة ك»الأميِّ‏ » و»الأيِّد«‏ و»البهر«‏ و»الأفكوهة«،‏ واأفعال<br />

ك»يستزير«‏ و»يخيس«..‏ اإلخ،‏ فصاً‏ عن اإنّاته التي تذهب<br />

معه اأينما ذهب.‏<br />

لقد توارى ‏صوت القاص الذي يتقمص ‏شخصياته،‏<br />

ويعيش همومها من الداخل،‏ ويعرضها علينا يف حالة<br />

فعل اأو تفكري اأو انفعال،‏ ليحل بدلً‏ منه ‏صوت موؤرخ ل<br />

ميلك حتى حساسية التحليل العميق؛ لأنه ل يقدم كتابًا<br />

اأو مقالً‏ يف التاريخ،‏ واإمنا يكتب فنًّا،‏ وكان من الطبيعي<br />

اأن تاأتي حتلياته لبعض الوقائع التاريخية مبتوتة الصلة<br />

باأحداث القصة وما يدور يف نفوس اأبطالها،‏ ‏سواء<br />

جاءت هذه التحليات على لسان اململوك الشاب احلكيم<br />

طومان باي،‏ يف جملس ‏شيخه اأبي السعود اجلارحي )32( ،<br />

اأو على لسان الراوي العليم الذي يقص علينا من التاريخ<br />

كما يقول حكاية ‏»شعب يلهو«‏ )32( .<br />

وعلى الرغم من كل اخللفية النظرية التي ميلكها<br />

العريان حول كتابة تاريخ العوام وحياتهم اليومية،‏<br />

وعلى الرغم من اجلهد الواضح الذي بذله ليجسد هذا<br />

الوعي النظري ويعكس ‏صورًا من حياة الناس العاديني،‏<br />

وخصوصً‏ ا املصريني الذين اجتهد يف تصوير طوائفهم<br />

املختلفة )34( – على الرغم من كل ذلك،‏ ظلت ‏»على باب<br />

زويلة«‏ كتابًا يحكي ‏سرية بطل تراجيدي على النمط<br />

الإغريقي،‏ حتيط به السقطات والأسرار،‏ واإن افتقدت<br />

حبكة احلكاية اإىل متاسك الدراما الإغريقية ومذاقها.‏<br />

وكان من الطبيعي اأن يتم تقدمي ‏صور من حياة املصريني<br />

وفئاتهم املختلفة،‏ ولكن يف اإطار حتليات باهتة معزولة،‏<br />

تعتمد على املعلومات التاريخية اجلاهزة،‏ اأكرث مما<br />

تعتمد على تصوير الأبطال وهم يفعلون ويخلقون<br />

احلياة.‏<br />

)5(<br />

حينما وصل ‏سعد مكاوي اإىل كتابة ‏»السائرون نيامً‏ ا«‏<br />

يف مطلع الستينات من القرن العشرين،‏ كان قد اأصبح<br />

كاتبًا متمرِّ‏ ‏سً‏ ا مكتمل الأدوات؛ فقد بداأ بكتابة القصة<br />

القصرية منذ اأواخر الثاثينات،‏ ومرَّ‏ ن فيها اأدواته<br />

السردية،‏ وحقق اإجنازًا ‏ضمن له مكانته امللحوظة على<br />

خريطة القصة املصرية القصرية )35( . هذا بالإضافة<br />

اإىل اأنه كان قد كتب روايته القصرية ‏»شهرية«‏ )36( ،<br />

ورواية اأخرى بعنوان ‏»الرجل والطريق«‏ )37( .<br />

ومل تكن اأدوات ‏سعد مكاوي التقنية وحدها،‏ هي<br />

التي تبلورت حينما كتب ‏»السائرون نيامً‏ ا«،‏ واإمنا كانت<br />

قد تشكلت له اأيضً‏ ا ‏-مثل كثريين من اأبناء جيله-‏<br />

معرفةٌ‏ عميقة وموسوعية بالرتاث الإنصاين،‏ وروؤيةٌ‏<br />

للواقع املصري والعربي والإنساين.‏ وقد اأدت عوامل<br />

ثاثة اأساسية دورها يف تشكيل هذه املعرفة،‏ وصياغة<br />

تلك الروؤية:‏ اأولها،‏ نصاأته الريفية التي تركت اأثرً‏ ا عميقً‏ ا<br />

يف روؤيته؛ فقد نصاأ يف قرية الدلتون باملنوفية،‏ لأب من<br />

رجال الدين له مكتبته الرتاثية العامرة،‏ وراأى يف الصغر<br />

‏صراعات هذه القرية بفاحيها وحرفييها وهامشييها،‏<br />

وهي الصراعات التي رسمها فيما بعد يف جمموعة ‏»املاء<br />

العكر«.‏ وثانيها،‏ معرفته باللغة الفرنسية وسفرته اإىل<br />

فرنسا مبعوثًا لدراسة الطب،‏ ثم حتوله - ‏صاأن توفيق<br />

احلكيم - اإىل دراسة الأدب والفن والثقافة.‏ وهي السفرة<br />

التي انقطعت بعد ثاث ‏سنوات،‏ دون اأن يكمل دراسته،‏<br />

وذلك مبجيء احلرب العاملية الثانية عام 1939. وثالث<br />

هذه العوامل،‏ وبعد رجوعه من فرنسا،‏ كان انضواءه<br />

الغامض على يسار حزب الوفد وضمن الطليعة الوفدية،‏<br />

يف جمموعة الكتاب التي اتخذت من جريدة ‏»املصري«‏<br />

الوفدية منربًا.‏<br />

وكان لهذا العامل الثالث اأثره احلاسم يف تشكيل<br />

روؤية ‏سعد مكاوي،‏ وبلورة موقفه من حركة الضباط<br />

الأحرار وتطوراتها الدرامية،‏ وهي احلركة التي عاصر<br />

خماضها الأليم يف اأواخر الأربعينات واأوائل اخلمسينات،‏<br />

اأبحاث

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!