23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

2 0 1 1<br />

82<br />

هموم املعيشة كما تصوِّرها الرواية التاريخية<br />

‏)العرص اململوكي منوذجً‏ ا(‏<br />

د.‏ خريي دومه<br />

)1(<br />

تَركّ‏ ز عمل الدرس العلمي يف العقود الأخرية،‏<br />

ولأسباب ودوافع متعددة،‏ على املناطق البينية الواصلة<br />

والفاصلة بني العلوم املختلفة.‏ وقد اأفضى هذا يف غالب<br />

الأحوال،‏ اإىل نوع من اإثراء العلم؛ ذلك اأن موضوع العلوم<br />

مهما تعددت،‏ ومهما توالت الأزمنة واختلفت الآراء،‏ هو<br />

الإنسان،‏ كما اأن من املعروف اأن من ينظرون اإىل حقل<br />

علمي من خارجه،‏ يكتشفون عادة زوايا جديدة للنظر،‏<br />

ويرون اأشياء ل يراها اأبناوؤه املتخصصون الغارقون يف<br />

مشكاته.‏<br />

وقد ‏شكلت املنطقة الواقعة بني الأدب والتاريخ<br />

موضوعً‏ ا للدرس من قدمي،‏ منذ اأن ميز اأرسطو متييزه<br />

الذي ‏صار ‏شهريًا بني الشعر ‏)اأو الفن اأو الأدب(‏<br />

والتاريخ،‏ باعتبار اأن املوؤرخ يحكي ما حدث فعاً،‏ يف<br />

حني يحكي الشاعر ما يحتمل حدوثه وفقً‏ ا لقانون فلسفي<br />

اأعم واأشمل هو قانون الحتمال والضرورة )1( . وقد ظلت<br />

هذه املنطقة مثار مناقشات وخافات حتى اليوم،‏ حيث<br />

يرتكز البحث من جديد وبقوة على طبيعة العاقة<br />

املربكة بني ما ‏صار يطلق عليه ‏»علم التاريخ«،‏ وما اأصبح<br />

يسمى ‏»الرواية«‏ اأو ‏»السرد«.‏<br />

هناك توجهات اأساسية يف املناقشات التي دارت<br />

حول طبيعة العاقة بني الرواية والتاريخ،‏ يحسن اأن نبداأ<br />

برصدها والتمييز بينها.‏<br />

- هناك اأولً‏ توجُّ‏ ه يرى ‏ضرورة الفصل اأو التمييز<br />

بني التاريخ بصفته علمً‏ ا،‏ والرواية بصفتها فنًّا؛ فاملوؤرخ<br />

- مهما تكن درجة ذاتيته - عاملِ‏ ٌ موضوعي،‏ يستخدم<br />

احلقائق والوثائق ليسجل ‏صورة عن تطور جماعة اأو اأمة<br />

اأو حتى تطور الإنسانية،‏ اأما الروائي - ومهما تكن درجة<br />

التزامه باحلقائق والوثائق املوضوعية - ففنانٌ‏ ذاتي،‏<br />

واحلقائق التاريخية بالنسبة له جمرد وسيلة اأو استعارة،‏<br />

يعرب من خالها عن ذاته وعن راأيه يف العامل.‏ اإن بعض<br />

دارصي التاريخ – من جهة - يدافعون عن علمهم،‏<br />

والسرد والرواية من وجهة نظرهم حمض خيال وحبكة،‏<br />

ورمبا يشكل استخدامها خطرً‏ ا داهمً‏ ا على التاريخ<br />

بصفته علمً‏ ا،‏ ومن هنا كانت دعوتهم اإىل التخلي يف كتابة<br />

التاريخ وتدوينه،‏ عن استخدام السرد اأو القص )2( . ومن<br />

جهة اأخرى،‏ فاإن بعض املبدعني يدافعون عن اإبداعهم،‏<br />

ويناأون به عن ‏صفة التاريخية اأو التسجيلية،‏ ول يرون يف<br />

املادة التاريخية – بعبارة األكسندر دوما الأب - ‏سوى<br />

‏»مسمار يشجبون عليه لوحاتهم«،‏ بل اإن بعضهم يرى يف<br />

‏»الرواية التاريخية«‏ مصطلحً‏ ا ‏»سخيفً‏ ا«،‏ اأو ‏»متناقضً‏ ا«‏<br />

على اأقل تقدير )3( .<br />

- وهناك ثانيًا توجُّ‏ ه يرى اأن التاريخ والسرد<br />

يتشابهان اإىل اأبعد حد،‏ ورمبا يتطابقان؛ فالرواية - من<br />

جهة – هي نوع من التاأريخ املستند اإىل بحث ووثائق<br />

ومعاينة ورمبا معاناة للأحداث والوقائع املحكية )4( ،<br />

والتاريخ - من جهة اأخرى ومن وجهة نظر ما - لن<br />

يكون تاريخً‏ ا حقيقيًّا،‏ اإل اإذا استند اإىل روؤية اأو فلسفة<br />

ذاتية،‏ جتمع الوقائع وتصوغها يف ‏صورة قصة لها حبكة<br />

وفيها ‏صراع ونتائج )5( . التاريخ والرواية كاهما نوع من<br />

حماكاة الوقائع وسردها،‏ وكل منهما يصوغ الوقائع<br />

والوثائق من منظور معني،‏ وكل منهما يستخدم اللغة يف<br />

‏صياغة هذه احلقائق.‏<br />

- ويف مقابل هذين التوجهني التقليديني،‏ هناك<br />

توجهان اآخران يقومان على نظريات السرد احلديثة<br />

وما بعد احلديثة )6( ، تلك النظريات التي - كما يقول<br />

هايدن وايت – ‏»نقضت التفرقة بني اخلطاب احلقيقي<br />

واخلطاب املتخيل،‏ التفرقة القائمة على تصور اختاف<br />

اأنطولوجي بني مرجعية اخلطابني،‏ اأي املرجعية احلقيقية<br />

واملرجعية اخليالية.‏ وقد جاء نقض هذه التفرقة لصالح<br />

تاأكيد اجلانب املشرتك بني اخلطابني«‏ )7( . اإن الفصل<br />

بني ما هو تاريخي وما هو اأدبي يواجه اليوم - كما تقول

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!