23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

91<br />

2 0 1 1<br />

خوفًا من اجلوارح املحمومة دانية من الأرض،‏ واحلمري<br />

واجلمال يف عيونها اأحزان عجيبة وهي ترفع رءوسها<br />

عن الأرس املتشققة يف ياأس ‏ضامر مثلها«‏ - اأهً‏ م<br />

هوؤلء جميعًا وقد ‏ساروا نيامً‏ ا،‏ ونراهم يف نهاية الرواية<br />

يتجمعون،‏ مدفوعني بكبت تاريخي مركَّ‏ ب مديد،‏ ليصلوا<br />

- وهم السائرون نيامً‏ ا!!‏ - اإىل ثورة هائلة مقموعة،‏ رمبا<br />

مل يتحدث عنها التاريخ املكتوب ملصر اململوكية؟<br />

اأم اإنهم اأولئك العسكر من اأمراء املماليك<br />

وحواشيهم،‏ ‏»يتطاوسون«‏ عند القمة،‏ حولهم بساتينهم<br />

وحدائقهم الغناء وموائدهم وطوواويسهم وظباوؤهم<br />

وجواريهم وماهيهم وبصاصوهم اأيضً‏ ا،‏ يتصارعون<br />

‏صراعً‏ ا دمويًا على الكرسي،‏ ويلتذون بطحن احلرافيش<br />

ودود الأزقة حتت نعالهم،‏ ذاهلني عن اخلطر املقرتب<br />

على الأبواب،‏ وسائرين نيامً‏ ا – مدفوعني هم اأيضً‏ ا<br />

بكبت تاريخي مركب - اإىل نهايتهم املحتومة؟ )42( ، وهي<br />

نهاية ‏سجلها التاريخ اململوكي املكتوب،‏ بينما مل يكن<br />

التاريخ احلاضر قد ‏سجلها بعد.‏<br />

اأم اإنهم البشر جميعًا،‏ يسريون يف الأغال نيامً‏ ا،‏<br />

وتتكرر ماأساتهم من زمان اإىل زمان،‏ ومن مكان اإىل<br />

مكان،‏ دون اأن يدركوا فلسفة التاريخ العجيبة؟ نحن<br />

نعرف كما يعرف املوؤلف،‏ اأن زمن هذه الرواية ل يزيد<br />

على ثاثني عامً‏ ا يف واقع العصر اململوكي الغابر،‏ لكننا<br />

- ومبنطق قريب اإىل الواقعية السحرية يرسمه مكاوي<br />

مبهارة وحرفة - ‏سنشعر بقوة اأن هذه رواية اأجيال،‏ واأن<br />

للزمن فيها منطقً‏ ا عجيبًا؛ ففي اأربع وعشرين ‏ساعة<br />

يتواىل على كرسي السلطنة ثاثة من الأمراء،‏ حدث<br />

هذا اأكرث من مرة على مدار الرواية،‏ ويف ميت جهينة<br />

تتواىل ثاثة اأجيال وطاعونان على الأقل يف هذه الأعوام<br />

الثاثني.‏<br />

وهذا املنطق العجيب للزمن،‏ هو ما تستشعره اأيضً‏ ا<br />

‏شخصيات القاع املعذبة باأصفادها؛ فالصبي يوسف<br />

جنار النعوش الذي تبداأ به الرواية،‏ ‏سيدهشنا مع بداية<br />

اجلزء الثالث حني يقول:‏ ‏»زمن يروح وزمن يجيء ..<br />

وسبحان من له الدوام«،‏ ويتذكر:‏ ‏»ما اأبعد ذلك الزمن!..‏<br />

ناس غري الناس ودنيا غري الدنيا .. كاأنها ثاثمائة ‏سنة<br />

ل ثاثون..«)ص 175( ، كما اأنها ‏»اأمم تزول والهمّ‏ ما<br />

يزول«)ص 192( كما تقول حمسنة ‏»مرتحِّ‏ مة على كل<br />

الأحبة الذين تخطَّ‏ فهم الزمن«.‏ اإنه الطاعون الذي<br />

نظن اأنه ‏»انتهى،‏ مات وشبع موتًا«،‏ لكننا نكتشف اأن<br />

‏»الطاعون ل ميوت،‏ اإنه يختفي حقً‏ ا،‏ ويلبد يف خبث،‏ اإىل<br />

اأن حتني له فرصته،‏ فاإذا الفئران راقصة،‏ واإذا الوباء<br />

يف الناس«.‏ هذه الإشارة اإىل الأعوام الثاثمائة،‏ والأمم<br />

التي تزول والهم الذي ل يزول،‏ والطاعون املتجدد،‏<br />

األ تقرِّ‏ ب يف ذهن القارئ،‏ املسافةَ‏ الفاصلةَ‏ بني زمننا<br />

وزمن املماليك؟ األ تضعنا اأمام زمن واحد ممتد متكرر<br />

احللقات،‏ ل فاصل فيه بني حلقة وحلقة،‏ بني ‏»حاضر«‏<br />

معيش و»تاريخ«‏ منقض؟<br />

كيف استطاع الكاتب اأن ميسك بهذا الزمن املمتد،‏<br />

كيف استطاع اأن ينقلنا اإىل قاهرة املماليك وقرى<br />

امللتزمني وفاحي السخرة،‏ دون اأن نفارق قاهرتنا<br />

املعاصرة وقرانا الكثرية املتشابهة،‏ كيف اأقنعنا اأننا نقراأ<br />

رواية ‏»واقعية«‏ من نوع خاص،‏ اأكرث منها رواية ‏»تاريخية«.‏<br />

هذا ما ‏صنعته تقنيات القاص املتمرِّ‏ ‏س املحتشد لكتابة<br />

هذه الرواية.‏<br />

هذه الرواية يحكيها راو عليم،‏ يتنقل يف خفَّة<br />

الطائر،‏ بني املشاهد/الفصول اخلمسني التي مل تنقطع<br />

ومل تهداأ،‏ منذ اأن راأينا اأيوب ‏صانع النعوش وصبيه<br />

يوسف يف مطلع الرواية،‏ اإىل اأن وصلنا اإىل ثورة اجلياع<br />

واملهمَّ‏ ‏شني يف نهايتها.‏ وبني هذين املشهدين املتباعدين،‏<br />

تتواىل املشاهد يف اإيقاع درامي وروائي متسارع،‏ هو اأهم<br />

خصيصة فنية متيز هذه الرواية،‏ وجتذب القارئ اإىل<br />

عاملها.‏<br />

ولقد استخدم الكاتب كل طاقاته الواعية والاواعية،‏<br />

من اأجل اأن يصنع هذا الإيقاع الروائي اجلاذب،‏ ومن<br />

اأجل اأن يحافظ عليه دون ‏سقطات اأو تنشيزات قدر<br />

الإمكان.‏<br />

مل يكتف الرجل باحلقوق التي تكفلها له ‏صفة<br />

الراوي العليم،‏ وهو راو ميكنه دون اإخال باملنطق،‏ اأن<br />

ينتقل يف اأية حلظة،‏ من قلعة اجلبل اإىل ميت جهينة،‏<br />

من احلمام اإىل خمابئ املجاذيب،‏ من ‏سراي امللتزم اإىل<br />

زريبة ‏ست الكل اإىل بساتني احلرمي ‏..اإلخ،‏ بل انتزع اإىل<br />

ذلك حقوقًا اأخرى،‏ كفلتها له اأصولٌ‏ درامية كاسيكية<br />

ومعروفة للجميع،‏ لكنه التزمها ببساطة وبشكل ‏صارم.‏<br />

اأول هذه الأصول،‏ اأن يستقل كل فصل من الرواية<br />

مبشهد واحد،‏ ل يجاوزه قيد اأمنلة؛ فالرواية تتكون من<br />

ثاثة وخمسني مشهدً‏ ا،‏ يدور كل مشهد منها يف مكان<br />

اأبحاث

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!