23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

97<br />

2 0 1 1<br />

مبرور الزمن.‏ الذكرى ليست ‏شيئًا جاهزً‏ ا،‏ وليس<br />

بالإمكان حتقيقها ول روايتها اإل انطاقً‏ ا من قصد<br />

راهن.‏ هناك ‏شروط عقانية اأو ظرفية تقود العودة<br />

اإىل املاضي؛ اإذ هناك على الدوام اأهمية راهنة للآلم<br />

املاضية )47( .<br />

على هذا الضوء ميكننا اأن نتصور كيف يعود ‏سعد<br />

مكاوي اإىل الفرتة التي عاد اإليها من التاريخ اململوكي،‏<br />

يف نوع من ‏»التنبوؤ«‏ مبستقبل الصراع بني السائرين نيامً‏ ا<br />

على اجلانبني حكامً‏ ا وحمكومني،‏ ويف دورتني متشابهتني<br />

من دورات التاريخ،‏ واحدة انتهت قبل خمسمائة عام<br />

والأخرى نحن مقبلون عليها،‏ وميكننا اأن نتصور اأيضً‏ ا<br />

كيف ولِمَ‏ عاد الغيطاين - يف اأعقاب هزمية جديدة -<br />

اإىل جانب حمدد من ذكرى هزمية قدمية.‏<br />

اإن هزمية - 1517 كما قالت رصوى عاشور يف<br />

حتليلها للرواية – ‏»ليست هي هزمية 1967، وليس<br />

املجتمع اململوكي يف مطلع القرن الصادس عشر<br />

مراآة للمجتمع املصري يف النصف الثاين من القرن<br />

العشرين،‏ كما اأن الزيني بركات وزكريا بن راضي من<br />

ناحية وسعيد اجلهيني واأبو السعود اجلارحي من ناحية<br />

اأخرى يتجاوزون كونهم جمرد اإسقاطات على الواقع<br />

املعيش،‏ فلهم كيانهم املستقل وحركتهم املوضوعية،‏<br />

ومع ذلك فلهذه الشخصيات التي متثل قوى الستبداد<br />

وقوى الوعي املضاد نظائر يف املجتمع املعاصر«‏ )48( . هنا<br />

تاأتي الذاكرة الغامضة التلقائية التي تكتمل يف الصمت<br />

لتدفع الكاتب اإىل هذه اللحظة من املاضي،‏ ل لكي ننهزم<br />

هزمية نهائية واإمنا لكي نفهم وننهض.‏ ‏»هزمت مصر<br />

اململوكية ‏سنة 1517، واحتلها العثمانيون ليفرضوا عليها<br />

مئات السنني من النحطاط،‏ ومع ذلك مل تكن تلك<br />

الهزمية نهاية املسرية التاريخية حلياة الشعب املصري,‏<br />

‏صحيح اأنه ملن عاصر تلك اللحظة بدا وكاأن الساعة<br />

قد قامت وقضي الأمر وضاعت مصر..‏ اأما القراء<br />

املزودون مبنظور تاريخي توفره اأربعة قرون ونصف قرن<br />

هي الفاصل الزمني بني وقوع احلدث وبيننا،‏ فنعرف اأن<br />

ذلك الهاك،‏ رغم فداحته،‏ مل يكن نهائيًّا،‏ ونعرف اأن<br />

مصر التي هلكت قامت ثم ‏ضُ‏ ربت ثم قامت ثم ها هي<br />

تُضرب مرة اأخرى.‏ هكذا يسمح لنا البعد الزمني بروؤية<br />

هذه اللحظة القامتة يف ‏سياق ممتد من الظلمة والضوء،‏<br />

من النكسار والإجناز..‏ ويف حني مت جتاوز الهزمية<br />

الأوىل مل يتم بعد جتاوز الهزمية الثانية.‏ والسند الذي<br />

يستمده الغيطاين من موازاة اللحظتني والذي يريد اأن<br />

ينقله اإىل قرائه،‏ هو اإمكانية جتاوز هذه الهزمية يف<br />

تاريخنا املعاصر انطاقًا من الوعي التاريخي«‏ )49( .<br />

غري اأن الرواية ل تتورط اأبدً‏ ا،‏ يف الإفصاح املباشر<br />

عن هذه الروؤية،‏ وترتك الأمور على حالها امللتبس<br />

الغامض الذي كانت عليه يف الواقع التاريخي،‏ وهو<br />

الدرس الذي تعلمه الغيطاين متامً‏ ا من حوليات ابن<br />

اإياس،‏ وهي حوليات تقول لغتها اإنها مبنية يف معظمها<br />

على ما ‏»قيل«‏ وما ‏»اأشيع«‏ )50( بني الناس،‏ اأكرث مما هي<br />

مبنية على حقائق اأو مشاهدات.‏<br />

واختيار عنوان الرواية وموضوعها الرئيس كان من<br />

اأبرز الأمور التي تعكس مفارقة اللتباس التي انبنت عليها<br />

الرواية؛ ف ‏»الزيني بركات«‏ ‏شخصية تاريخية حقيقية<br />

يرتدد اسمها يف مواضع ومشاهد كثرية من حوليات<br />

ابن اإياس،‏ والغيطاين يرسمه بناء على معطيات تنطق<br />

بها نغمة ابن اإياس يف احلديث عن الزيني،‏ اأكرث مما<br />

تنطق بها لغته الواضحة املباشرة )51( ؛ فاللغة املباشرة<br />

تقول باأنه قاض عادل حمبوب من عامة الناس،‏ ملتزم<br />

بالفروض الدينية،‏ يعمل يف خدمة السلطان والرعية<br />

ل يف خدمة اأغراضه الشخصية،‏ اأما النغمة الباطنة<br />

فتحمل ‏سخرية وتعجبًا من استمراره مع تقلب الأحوال،‏<br />

واأما جممل املواقف التي يسردها ابن اإياس فتقول باأنه<br />

مراءٍ‏ ، واأن ظاهره بخاف باطنه واأنه خائن وقادر على<br />

التواوؤم مع كل السلطات حتى ‏سلطة املحتل.‏ ورواية<br />

الغيطاين،‏ متامً‏ ا كحوليات ابن اإياس،‏ حتتفظ بوجهي<br />

الصورة حتى النهاية،‏ واإن بدت الرواية اأقرب اإىل احلكم<br />

النهائي بالسلب،‏ خصوصً‏ ا يف مشهد النهاية )52( .<br />

وهكذا يعكس العنوان ‏»الزيني بركات«‏ ‏صيغة املفارقة<br />

املركبة التي انبنت عليها الرواية؛ فهي رواية عن واقعنا<br />

املعاصر لكنها حول ‏شخصية ‏»تاريخية«‏ حقيقية وكاملة،‏<br />

والزيني بركات اسم جميل ينطوي على فرحة وبهاء،‏<br />

لكنه ل زيني ول بركات ول ينطوي اإل على الظلم والقهر<br />

واخلداع الذي قاد اإىل الهزمية والنهيار الكامل.‏<br />

ورسم ‏شخصية الزيني كان واحدً‏ ا من الأمور التي<br />

اأبدع فيها الغيطاين مستفيدً‏ ا من درس ابن اإياس؛ فقد<br />

ظل الزيني كما ‏صورته الرواية ‏شخصية غامضة،‏<br />

ملتبسة،‏ مغلقة على عاملها الداخلي،‏ مل نستمع اإليه<br />

اأبحاث

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!