23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

2 0 1 1<br />

18<br />

النفسي املاركسي على السواء وهو ما بينه بالتفصيل<br />

يف كتابه ‏“اإرادة املعرفة”.‏ وتتمثل الأطروحة الثانية يف<br />

رفضه للتحقيب التاريخي للجنس الذي اعتمده التحليل<br />

النفسي،‏ والذي يقوم على ثاث مراحل اأساسية هي:‏<br />

املرحلة اليونانية والرومانية حيث كان فيها اجلنس<br />

حرا،‏ واملرحلة املسيحية التي متيزت بوضعها حمرمات<br />

وممنوعات على اجلنس،‏ وفرضت ‏صمتا على اجلنس،‏<br />

واأخريا املرحلة احلديثة التي قامت فيها البورجوازية<br />

بقمع اجلنس الذي مل يتحرر اإل يف نهاية القرن التاسع<br />

عشر على يد فرويد )14( .<br />

يرفض ميشيل فوكو هذا املخطط التاريخي<br />

والنظري يف الوقت نفسه،‏ ويقرتح حتليا مغايرا لتاريخ<br />

اجلنس معتمدا يف ذلك على اأبحاث ‏صديقه املوؤرخ بول<br />

فني ”Veyne.P“ )15( التي توؤكد على اأن اجلنس مل يكن<br />

حرا يف املرحلة القدمية،‏ واأنه منذ املرحلة الرومانية<br />

بداأت الأحكام الأخاقية ترتبط بالأفعال اجلنسية،‏ ومن<br />

ثم فاإن ما حدث مع املسيحية هو تغري يف الوسائل فقط،‏<br />

اأو كما قال:‏ « يبدو يل اأن املسيحية قد حملت اإىل التاريخ<br />

الأخاقي-الذي هو تاريخ روماين-‏ تقنيات جديدة«‏ )16( .<br />

وبتعبري اآخر،‏ فاإن املسيحية مل متنع اجلنس،‏ واإمنا<br />

فرضت عليه تقنيات جديدة،‏ واإجراءات جديدة،‏ واآليات<br />

‏سلطوية جديدة حتى تطبق عليه اأخاقياتها التي ورثت<br />

جزءا منها من العامل الروماين القدمي.‏<br />

وعلى ‏سبيل املثال،‏ يرى ميشيل فوكو اأن الزواج<br />

الأحادي،‏ والوفاء للحياة الزوجية مل تبتكرهما<br />

املسيحية،‏ بل كانا ‏شائعني يف املرحلة الرومانية الوثنية،‏<br />

واأن املسيحية قد استعادتهما وقامت بتقويتهما،‏ ومن ثم<br />

فاإن الأخاق املسيحية ما هي اإل جزء من تلك الأخاق<br />

الوثنية الرومانية )17( . وتشهد كتابات القديس اأو غسطني<br />

Saint“ ”Augustin على اأن املسيحية التي اأقامت<br />

عاقة جديدة ما بني الذاتية وما بني اجلنس،‏ قد اأبقت<br />

الشكل الذكوري للجنس مهيمنا.‏ واحلل اأو العاج الذي<br />

تقدمه املسيحية باسم القديس اأو غسطني يختلف عن<br />

احلل الأفاطوين،‏ وذلك لأنه اإذا كان اأفاطون يدعونا<br />

اإىل حتويل النظر اإىل الأعلى وتذكر ما نسيناه،‏ فاإن<br />

القديس اأو غسطني يدعونا اإىل الأسفل،‏ واإىل الداخل<br />

حتى نتمكن من معرفة حركات الروح،‏ ومعرفة تلك<br />

احلركات التي تاأتي من الليبدو.‏ وتقتضي هذه املهمة<br />

التشخيصية للروح ليس فقط التحكم يف الذات،‏ واإمنا<br />

القدرة على املعرفة،‏ وعلى متييز احلقيقة من الوهم،‏<br />

اأو كما قال فوكو تقتضي نوعا من ‏“تاأو يل الذات”‏ )18( .<br />

ولذلك فاإن الأخاق اجلنسية املسيحية تفرتض نوعا من<br />

الواجبات الصارمة،‏ وهذا ما نقراأه يف الأدبيات الزهدية<br />

والرهبانية يف القرنني الرابع واخلامس املياديني التي<br />

ل تهدف اإىل املراقبة الفعلية للسلوك اجلنسي،‏ واإمنا<br />

تهتم بسيولة وكرثة الأفكار التي تخرتق النفس وتزعج<br />

بتعددها ‏“الوحدة الضرورية للتاأمل،‏ وتقدم للذات ‏صورا<br />

من اإغواء الشيطان”‏ )19( .<br />

من هنا،‏ فاإن مهمة الرهبنة ل تتمثل فيما يحاول<br />

اأن يقوم به الفيلسوف كما تصفه الفلسفة اليونانية،‏<br />

وبخاصة يف املرحلة الرومانية وهو التحكم الكامل يف<br />

الذات وممارسة السيادة عليها،‏ واإمنا يف املراقبة الدائمة<br />

للأفكار،‏ وتصفيتها والنظر اإليها فيما اإذا كانت اأفكارا<br />

خالصة،‏ اأو اأفكارا تشوبها ‏شائبة معينة،‏ ومن هنا جاءت<br />

‏ضرورة مراقبة الأفكار وفحصها واإخضاعها لاختبار<br />

يف املسيحية.‏ وبحسب كاسيان ”Cassien“ )20( الذي<br />

اهتم فوكو بنصوصه كثريا يجب اأن نقف من اأنفسنا<br />

موقف الصراف والبنكي الذي يفحص النقود.‏ كما اأن<br />

معنى الصفاء والطهارة يف املسيحية يتطلب اكتشاف<br />

احلقيقة يف النفس،‏ واستبعاد الأوهام التي تطفو عليها،‏<br />

والعمل الدائم على استبعاد الأفكار واخلواطر التي توحي<br />

بها النفس دائما ومن غري توقف.‏ وتشري هذه العملية<br />

اإىل اأن هنالك ‏صراعا روحيا ‏ضد الدناسة/النجاسة.‏<br />

وبناء عليه،‏ فاإن ما مييز املوقف املسيحي من اجلنس هو<br />

عملية النتقال من العاقة بني الذات والآخر يف الفعل<br />

اجلنسي،‏ اإىل اأخاق جنسية مسيحية قائمة على عاقة<br />

الذات بالذات،‏ ولذلك فاإن اإحدى املشكات الكربى التي<br />

‏ستواجهها هذه الأخاق،‏ وحتاول مراقبتها بشدة هي<br />

مشكلة الستمناء،‏ وذلك عكس الأخاق اليونانية التي<br />

ل تعري اهتماما لهذا املوضوع لأنها ترى يف هذا ‏سلوكا

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!