23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

179<br />

2 0 1 1<br />

ويقدم فيكوتسكي مثال تاريخيا واضحا حول تاأثري<br />

العوامل الثقافية يف تشكيل البناء السيكولوجي للإنسان<br />

يتصل بالتفكري الرياضي عند الإنصان،‏ فالتفكري<br />

الرياضي ل يستند بوضوح اإىل خاصة فطرية اأولية،‏<br />

لقد عاش الإنسان لآلف السنني دون علم الرياضيات،‏<br />

ومل تظهر الرياضيات فجاأة بسبب حمفزات فطرية<br />

وبالعكس:‏ املتطلبات التاريخية وخاصة التجارية اأدت<br />

اإىل اخرتاع الرياضيات يف اأماكن واأوقات معينة.‏ عندما<br />

دعت احلاجة اخرتع الإنسان الرموز الرياضية و اأنظمة<br />

اإدارتها.‏ و لذلك ل يوجد مغزى للتسليم بوجود قدرات<br />

فطرية لعلم الرياضيات.‏ ومن ثم فاإن العتقاد باأن<br />

علم احلساب يعتمد فقط على العمليات الطبيعية هو<br />

تقدير مبتذل وغري علمي،‏ لأن العقل العادي ل ميكنه<br />

اإجراء العمليات احلسابية املعقدة واملبتكرة،‏ ومن ثم<br />

اإذا كانت العمليات الفطرية ل حتدد التفكري احلسابي<br />

فاإن الختافات الفردية يف تلك القدرة يجب اأن تعود<br />

اإىل الختافات يف اخلربات الجتماعية الضرورية<br />

لتكوينها.‏<br />

وميكن اإيضاح هذا التصور بالإشارة اإىل الخرتاع<br />

الإنصاين املتجسد بربامج احلاسب الآيل،‏ حيث ل<br />

ميكن لنا اأبدا اأن نقول باأن العمليات املعقدة للربجمة<br />

هي جمرد قدرة فطرية.‏ فا يوجد ‏شخص ميكنه اأن<br />

يرجع برجمة احلاصب الآيل للقدرة الفطرية غري<br />

املكتسبة،‏ وذلك لأن عمر احلاسب الآيل ل يعدو عدة<br />

عقود من الزمن فحسب.‏ وواصح للعيان اأن برجمة<br />

احلاسب الآيل تعني الستخدام الهائل واملنظم للرموز<br />

والصيغ واللغات الرمزية والشيفرات املعقدة التي مل<br />

تكن يوما تبلورا لصيغة فطرية اأو بيولوجية؛ فالعقل<br />

الفطري والعضوية البيولوجية ‏ضروريان لستيعاب<br />

املعلومات والرموز والفعاليات الذهنية لعمليات الربجمة<br />

احلاسوبية املعقدة،‏ ولكنهما ل يحددان نوعية املهارات<br />

الذهنية والعقلية اأو مستوى التطور الذهني املعقد كما<br />

يبني فيكوتسكي وذلك ينسحب بالضرورة على خمتلف<br />

الظواهر السيكولوجية.‏<br />

وهذا التصور للعقل املكتسب يجد مداه عند دونالد،‏<br />

اإذ يرى باأن عقل الإنسان يتشكل ويتبلور بقدرته الكلية<br />

على التعلم واكتساب الرموز،‏ ومن ثم اإعادة بنائها<br />

وصوغها يف تكوينات اإبداعية جديدة،‏ يف اجتاه يدعم<br />

تكيف البشر وسيطرتهم الهائلة على معطيات الوجود<br />

الذي يحتضنهم.‏<br />

لقد بنيّ‏ فيكوتسكي اأن التمييز بني العمليات العقلية<br />

العليا،‏ وبني الفعاليات الذهنية الدنيا،‏ يشكل منطلقا<br />

منهجيا يف فهم و عاج الأمراض النفسية والضطرابات<br />

السيكولوجية الوظيفية،‏ لأن هذه الضطرابات ميكن<br />

اأن تعود اإىل اختال يف العمليات الذهنية العليا اأو يف<br />

العمليات الذهنية البيولوجية الدنيا مع اختافات هامة<br />

يف السبب وطرق العاج اأيضا.‏ فاخللل يف الوظائف<br />

الدنيا يفسر غالبا بتلف يف اأعضاء احلس اأو املناطق<br />

اللحائية ‏)الأجزاء اخلارجية للمخ(،‏ ومن ثم فاإن هذا<br />

اخللل الوظيفي ميكن اأن يتم جتنبه جزئياً‏ من خال<br />

توفري بدائل جديدة للحواس مثل اأحرف برايل و اأجهزة<br />

السمع املختلفة.‏ اأما اخللل يف الوظائف العليا فدائماً‏ ما<br />

يحدث بسبب احلرمان الجتماعي،‏ و ميكن عاجه من<br />

خال تعديل البيئة الجتماعية للمريض.‏<br />

اإن اأي خلل يف الوظائف الدنيا للطفل ينتج ‏سلسلة<br />

من الصعوبات التي تعوق التطور الطبيعي لعاقاته<br />

الجتماعية وطبيعة تفاعله مع الآخرين،‏ وبالتاأكيد فاإن<br />

نتائج هذه الإعاقات التي تاأخذ طابعا نفسيا وتتجلى يف<br />

اضطرابات نفسية واضحة توؤدي بدورها اإىل اإعاقة تطور<br />

العمليات العقلية العليا واإىل ظهور نوع من الضطرابات<br />

النفسية اجلديدة الناجمة عن اإعاقة التطور الثقايف<br />

املتعلق بنمو نشاط الطفل الجتماعي.‏ ومع اأهمية هذا<br />

التصور فاإن فيكوتسكي يوؤكد باأن احتمالت تطور الطفل<br />

غري الطبيعي تتعلق بشكل اأكرب باإعاقة الوظائف النفسية<br />

العليا اأكرث من الوظائف الدنيا،‏ فالضطرابات ذات<br />

املنصاأ البيولوجي ميكن جتنبها من خال اندماج املريض<br />

يف بيئة اجتماعية مساندة تعمل على تطوير التكوينات<br />

النفسية العليا،‏ ويضاف اإىل ذلك اأن الوظائف العليا<br />

ميكن اأن تعوض الضعف يف العمليات الأولية،‏ فالتفكري<br />

والفهم ميكن اأن يعوضا الضعف يف السمع والروؤية<br />

مقاربات

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!