23.10.2014 Views

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

د. هيا بنت علي النعيمي د. نـــــــادر كاظــــــــم د. جمال ... - جامعة البحرين

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

95<br />

2 0 1 1<br />

جانتي،‏ يسجل فيها اأحوال القاهرة،‏ ثم نعود بعدها<br />

مباشرة اإىل نقطة تسبقها بعشر ‏سنوات ‏)ما جرى لعلي<br />

بن اأبي اجلود وبداية ظهور الزيني بركات بن موسى<br />

‏شوال ‎912‎ه(،‏ لننتهي عند نقطة تالية للنقطة التي<br />

بداأنا بها ‏)مقتطف اأخري من مذكرات الرحالة البندقي<br />

فياسكونتي جانتي ‎923‎ه(.‏ وبني هاتني النقطتني يتم<br />

تقسيم الرواية اإىل ‏سبع ‏سرادقات )46( ، لكن الرواية ل<br />

تتلبث يف هذه السرادقات ‏سوى عند عام ‎912‎ه ‏)يحدث<br />

تسجيل للتاريخ عشر مرات على راأس املكاتبات والنداءات<br />

الرسمية التي ترتدد من ‏شوال اإىل ذي احلجة(‏ حيث<br />

توىل بركات بن موسى ‏صاأن احلسبة وخلع عليه السلطان<br />

لقب الزيني،‏ ودخل يف مصادمات ناعمة مع الشهاب<br />

زكريا بن راضي وبداأ يجتذب قلوب العامة ورجال الدين<br />

واملثقفني،‏ يف الوقت نفسه الذي يثري ريبتهم وسخطهم<br />

املكتوم.‏ اأما بقية الأعوام الإحدى عشرة املمتدة من 912<br />

اإىل ‎923‎ه،‏ وهي الزمن التاريخي التقريبي للرواية،‏ فا<br />

يكاد الراوي يسجل منها ‏سوى ثاث اإشارات ، الأوىل<br />

يف مطلع عام 913 وكاأنها تكملة لأحداث العام السابق،‏<br />

اأما الأخريني فاإىل عامي 914 و ‎920‎ه خال مقتطفني<br />

للرحالة البندقي نفسه.‏ وما عدا ذلك ليس ‏سوى مساحة<br />

طويلة من الصمت،‏ تركنا الراوي فيها نتخيل ما حدث<br />

طوال ‏سنوات من خداع البصاصني الناعم،‏ اإىل اأن نصل<br />

اإىل ‏صوت ‏سعيد اجلهيني،‏ وحيدً‏ ا يف السرادق السابع<br />

والأخري يتكلم،‏ فا يقول اإل جملة واحدة يائسة وباترة<br />

وبضمري املتكلم:‏ ‏»اآه،‏ اأعطبوين،‏ وهدموا حصوين«.‏ ‏)ص<br />

)279<br />

ويحكم هذا الزمنَ‏ املضطرب داخل السرادقات<br />

اإطارٌ‏ خارجي يتمثل يف خمسة مقتطفات تعليقية متفاوتة<br />

الطول واملوضوع،‏ ماأخوذة من مذكرات الرحالة البندقي<br />

فياسكو جانتي،‏ الذي مر بالباد ثاث مرات خال تلك<br />

الفرتة،‏ مقتطفان منها يقعان خارج السرادقات وميثان<br />

ما يشبه مقدمة وخامتة للرواية،‏ اأما املقتطفات الثاثة<br />

الأخرى فتمثل جزءًا من السرادقات.‏<br />

التعامل مع الزمن واحد من اأمور كثرية بالغة<br />

الرتكيب واحلرفية يف رواية الغيطاين؛ فهو اأمر يتعلق<br />

بطبيعة من يحكي)اأو يحكون(‏ يف النص من ناحية،‏<br />

وبطبيعة اللغات املتعددة املصادر التي تتداخل يف نسيج<br />

البناء الروائي مبستوياته املختلفة من ناحية ثانية،‏<br />

وبطبيعة املضمون النهائي للرواية ‏)وللرواية التاريخية<br />

عمومً‏ ا(‏ وعاقتها بحاضرها من ناحية ثالثة.‏<br />

من الذي يقوم بفعل احلكي يف هذه الرواية الغريبة؟<br />

يبدو الأمر وكاأننا قد عرثنا مصادفة على جمموعة من<br />

الوثائق واملكاتبات،‏ كما ‏صادفت مسامعنا يف السرادقات<br />

جمموعة هائلة من الأحاديث والإشاعات والنداءات،‏<br />

ومن كل هذه املادة تاألفت لدينا الصورة النهائية لعامل<br />

غامض مضطرب،‏ هو عامل القاهرة اململوكية يف تلك<br />

الفرتة احلالكة،‏ القاهرة املليئة بالشائعات واملحوطة<br />

بالبصاصني واملنتظرة للحرب،‏ حيث يزدهر القمع<br />

باأنواعه،‏ من القمع الدموي الفظ اإىل القمع الناعم.‏<br />

وعلى الرغم من تعدد من يتحدثون اإلينا يف ‏»الزيني<br />

بركات«،‏ فاإن الذي يحكي يف الرواية كلها هو راو عليم<br />

من خارجها،‏ يراقب ويرصد ما يقوله الناس،‏ وما<br />

يتداولونه من اإشاعات،‏ وما يواجهونه من هموم،‏ يسمع<br />

النداءات املتوالية التي تطلقها السلطة،‏ يعرض الرسائل<br />

املتبادلة بني اأركان احلكم املخابراتية املتصارعة،‏ يقتطع<br />

مقتطفات مما ‏سجله الرحالة يف كتبهم،‏ راصدً‏ ا - عرب<br />

كل ذلك - اأحامَ‏ الناس العاديني وما يدور يف نفوسهم<br />

ويتبدى على وجوههم.‏<br />

نحن ل نرى السلطات ول نرى الزيني نفسه بعيون<br />

راو ميثل املوؤلف،‏ واإمنا بعيون الناس واألسنتهم،‏ ومن<br />

مسافة واضحة ل تسمح بالسخط اأو التعاطف.‏ ل ‏سخط<br />

هناك ول تعاطف مع اأحد ‏)اللهم اإل ‏سعيد اجلهيني<br />

اأحيانًا(.‏ ‏سنعرف الأحداث والتطورات كما تصورها<br />

الناس بعد اأن وصلتهم الأخبار والإشاعات؛ ومن ثم<br />

فاملشاهد الأساسية يف الرواية تقوم على جماعات من<br />

الناس تتبادل الأحاديث والإشاعات والأقوال عما يدور<br />

يف اأركان السلطنة واأقبيتها السرية،‏ ل ‏شيء يقيني ول<br />

‏سبيل اإىل التعاطف الفج مع حدث اأو ‏شخص اأو ‏ضده.‏<br />

يف هذه املشاهد،‏ التي ميكن بصعوبة مللمة نثارها<br />

من كام املتحدثني الكرث يف النس،‏ ‏صرنى عمال<br />

احلمامات،‏ وعمال املستوقدات،‏ وباعة اللنب،‏ وباعة<br />

الفول،‏ وامراأة اأمام اجلامع تبيع الفجل،‏ وروؤوصً‏ ا<br />

تطل من الأبواب الصغرية،‏ واأطفالً‏ يضعون اأطراف<br />

جابيبهم بني اأسنانهم،‏ ونساء خرجن حافيات يحملن<br />

اأطفالهن،‏ والضرائب وملح الطعام الذي عز وجوده،‏<br />

ورجاً‏ جمرسً‏ ا مشهرً‏ ا فوق حمار اأزعر با ذيل،‏ وخافًا<br />

اأبحاث

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!