e7x33
e7x33
e7x33
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الفصل اخلامس داغسفان- الفرج بعد انقطاع السبب/ املطلب الثانتأمالت يف أحوال السجنومن املواقف اليت ال أنساها يف تلك الزنزانة )01( عن القومية؛ أننا ملا دخلنا الزنزانة فوجئنا بسجني كردي عراقيفيها، كان شاباً يافعاً يف عشرينيات عمره، وقد فرح بقدومنا فرحاً شديداً، فرغم إتقانه للروسية أفضل منا، إال أنه معنايتكلم العربية بطالقة، وكان يف الزنزانة بال دعم إال ما يساعده به زمالؤه املساجني، فلم يكن ميلك إال مالبسه.ومن طرائف السجن أن املدخنني يف الزنزانة، وكان صاحبنا الكردي منهم، يتكافلون بالسوية يف شرب الدخان،فإذا أتى ألحدهم لفافات تبغ، سلمها لقيم خيتارونه، فيوزعها بالتساوي على املدخنني الغين منهم والفقري، وذلك أناملدخن قد ينقطع عنه الدخان فرتة، فيجد من ميده بالدخان، وهو بالتايل إذا جاءه من أهله دخان سلمه للقيم ليوزعه،وكان صاحبنا الكردي مستفيداً من هذا التكافل.وصارت بيننا وبني هذا األخ الكردي مودة وأخوة، وصار كأحدنا، وكنت أعتربه كأخي األصغر، وانتظم يف صالتهمعنا، وكلمته عن ترك الدخان، فكان يعدين ويسوف، وكان يفتح يل قلبه، وحيكي يل عن الظروف الصعبة اليت مر هبا،واضطراره هو وأسرته للهجرة لرتكيا هرباً من صدام. واضطراره للمبيت فوق اجلليد وأشقاؤه الصغار ينامون على ساقيه،يف انتظار فتح الطريق هلم.وكان سبب سجنه يف داغستان؛ أنه كان حياول أن يدخل لروسيا هتريباً، هو وزميل كردي آخر، حلق بنا يف زنزانتنابعد فرتة، ألن لألول أخاً يف أوكرانيا، يريد أن يصل إليه، ومن أوكرانيا يتسلل لبولندا أو سلوفاكيا –كما أذكر- حىتيصل متسلالً ألملانيا، فيطلب اللجوء السياسي، ليعيش حياة أفضل.وكنت أتعجب، كالنا تسلل عرب احلدود، وانتهى به تسللها للسجن، وكالنا يعاين، هو يف سبيل الدنيا، وحنن يفسبيل الدين، فنسأل هللا القبول.ويف مرة مازحه سجني ثقيل الظل، فناداه: يا صدام. فاغتاظ صاحبنا الكردي غيظاً شديداً، وقال يل: ال بد أنأقتل هذا اخلبيث، وسأتربص له. فأخذت أهدأ من ثائرته، وأقول له: إن هذا سفيه، ولعله ال يدرك الفرق بني صدامواألكراد، فكلهم عنده عراقيون، مث إذا قررت أن تقتل كل من يسفه عليك، فلن تعيش، وستضيع حياتك مع السفهاء،وما زلت أهدأه، حىت سكن، وملا حلق بنا زميله الكردي اآلخر، مدحين أمامه، وقال له هذا الرجل منعين من ارتكابجرمية.ومرت بنا األيام ، وحنن يف أخوة احملنة، وذات مرة شاده أحد اإلخوة العرب على أمر تافه، وكان العريب هواملخطئ، وحاولت أن أصلح بينهما، ولكن العريب تعنت، فغضب أخونا الكردي غضباً شديداً، وترك صالة اجلماعة،وقال يل: لن أصلي صالة فيها هذا الرجل. وحاولت أن أثنيه عن ذلك، فقال يل: أنتم العرب هكذا أخالقكم، أمليصفكم القرآن فقال: ﴿األَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًاي. فقلت له إن األعراب هم أهل البوادي، والعرب أعم منهم، كماأن القرآن الكرمي بعد آية من تلك اآلية قال: ﴿وَمِنَ األَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ اآلخِرِ وَيَفَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِوَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَال إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِ رَحْاَفِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌي. ولكن غضبه جعله يف حالة إغالق،وظلت أخويت به مستمرة، ولكنه ظل متأثراً، حىت فارقنا هو وزميله.وندمت على أن تصرفاً غري مسؤول قد يؤدي خلسارة جهد من الدعوة، وقد يغلق باباً للخري، وخاصة مع املرياثاملرتاكم من العداوات بني الشعوب املسلمة، اليت أثارها احلكام الفاسدون وأعداء اإلسالم، فإن اإلخوة األكراد يفقلوهبم جراح مل تندمل، مما صنعه هبم البعثيون يف العراق، واألحزاب الكردية العلمانية تنكي هذه اجلراح، وتصور هلم إنالعرب كلهم أشرار، وأال حل إال باالنفصال عنهم ومعاداهتم، واللجوء ألمريكا ومد العالقات مع إسرائيل، وكلما166