e7x33
e7x33
e7x33
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الفصل الرابع طه البوتل - أصالة من الصعيد-الذين ال يزالون يستخدمون هذه األلقاب حىت اليوم رغم إلغائها رمسياً-جيمعها اسم )الشعب املصري(.ولكنها ليست للمخلوقات األخرى اليتأذكر أنه يف أثناء اعتقايل انفرادياً يف سجن القلعة، أن أحضروا طياراً يف القوات املسلحة يف الزنزانة اليت أمامي،لصلته بالشهيد –كما حنسبه- حممد عبد السالم فرج ~، وأخربين هذا الطيار أهنم يف التحقيق معه قالوا له: هل تريدأن تتعاون معنا؟ فنعاملك كالبشر )ألنه ضابط!(، أم تريد أن نعاملك كبقية املخلوقات األخرى اليت يف السجن!!املهم. نعود لطه البوتلي. مر طه البوتلي بدورة التعذيب كاملة، ولبنيانه اجلسماين القوي فقد زادوا له من اجلرعة.ورغم القبض على املشتبه فيه األصلي، ورغم أن طه قابله بعد ذلك يف السجن، إال أن الوصمة األوىل ملخربي الشرطةيف بلده بقيت ملتصقة به، وحول طه البوتلي حملكمة أمن الدولة العليا طوارئ، اليت تنظر يف أكرب قضية يف تاريح القضاءاملصري، بتهمة أنه من قيادات تنظيم اجلهاد.ويف السجن أفاق طه على حقيقة النظام وحقيقة احلزب الوطين، بل وعلى حقيقة ما جيري يف مصر. وكان مظهرطه خمتلفاً عن معظم املتهمني، فكان حليقاً ومدخناً، ولكنه كان حمبوباً من اجلميع، لرجولته وأخالقه، وحىت ال يؤذيأحداً بتدخينه، فقد سكن يف زنزانة وحده، إال أن هذه الزنزانة كانت خمزن العنرب ومنتدى اجلميع، نظراً لكرم طهوأرحييته.وحاولت املباحث–اليت جلبت املصائب على طه-أنجتنده يف السجن، على اعتبار أنه ليس من اجلماعاتاإلسالمية، ووعدوه، ومنوه، وطلبوا منه أن يطلق حليته، ويكف عن التدخني، وحياول أن يتخلل املعتقلني، وينقلأخبارهم ملباحث السجن، ولكن طه برجولته وشهامته، واجههم بشجاعة، ورفض يف إباء هذا املسلك، وحىت ال يتهممن بقية إخوانه املساجني بالتجسس عليهم أىب أن يطلق حليته، أو يكف عن التدخني، هكذا صور له تفكريه البسيط.وتعرفت على طه يف السجن، وبدأت معرفيت به عن قرب، حينما رحلت من عنرب التجربة يف ليمان طرة إىل عنربالتأديب أنا وناجح إبراهيم بتهمة التحريض على اإلضراب يف عنرب التجربة، وحيث أن الزنزاين كلها كانت ممتلئة، فلمتكن هناك زنزانة فيها فراغ إال زنزانة طه، فسكنا معه، وكان ذلك يف رمضان، وكانت الزنازين مغلقة عقوبة لنا، فكانطه عند اإلفطار يشعل لفافة تبغ، ويضع فمه على الفتحة الصغرية يف باب الزنزانة، وينفث منها دخان اللفافة، حىت اليؤذي مشاعرنا.ومنت بيين وبينه صداقة وأخوة، ملا ملست فيه من رجولة وصدق وكرم، وكانت زنزانته جملس الشاي لكثري منإخوانه، وكان يصفين بشيخ العرب، وكان يصارحين يف أوقات صفائه، بأن السجن جاء عقوبة قدرية له على سلوكه قبلالسجن، وأنه عاهد هللا سبحانه علىونفاقه، وندم على انتمائه ألمثال هذه األحزاب.التوبة من كل ما سلف منه، وأنه اكتشف حقيقة احلزب الوطين وحقيقة دجلهويف أول جلسة للمحكمة تسلق طه البوتلي قضبان القفص األول للمتهمني اليت توتد للسقف، وصرخ يف القاضي:أنا املظلوم طه حممود حسني حسنني البوتلي، وقد قاتلت يف سيناء دفاعاً عن مصر، وأريد إطالق سراحي، فلم أرتكبأية جرمية.ومسعت أحد اإلخوة الذين ال يعرفونه، ينظر إليه مستغرباً، ويقول ألخ آخر: ملاذا يتصرف هذا األخ هكذا؟ فأجابهاآلخر بأسى: اتركه يفعل ما يريد.ورغم خلو أوراق القضية من أي شيء يدين طه البوتلي إال ذلك احملضر السخيف، فلم يفرج عنه القاضي، وظليف السجن ثالث سنوات كاملة، بعيداً عن بلده مبئات الكيلومرتات.50