تمهيد - UPEACE Africa Programme

128 اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان و الشعوب
.26
.27
ومن ثم،‏ ينبغي ألا ينحصر الموضوع فيما إذا آانت المعلومات مستقاة من وسائل
الإعلام،‏ أم لا؟ بل ما إذا آانت هذه المعلومات صحيحة،‏ أم لا؟ وهل حاول المشتكي أن
يتحقق من صحة هذه الادعاءات؟ وهل توفرت لديه الوسائل أو الإمكانيات التي تتيح له
ذلك،‏ في ضوء ظروف قضيته؟
ولا يمكن القول بأن البلاغ موضوع البحث يرتكن فقط إلى أخبار مجمعة من وسائل
الإعلام،‏ لأنها لا تستند فقط إلى خطاب الكابتن جالو.‏ إذ يزعم المشتكي حدوث عمليات
إعدام دون محاآمة،‏ وقد أرفق أسماء بعض الذين يزعم تعرضهم للقتل رغم أن هذه الواقعة
لم يرد لها أي ذآر في خطاب الكابتن جالو.‏
وتنص المادة من الميثاق على أن:‏ ‏"تنظر اللجنة في البلاغات الواردة إذا:‏
تم إرسالها بعد استنفاد وسائل الإنصاف الداخلية،‏ إن وجدت،‏ ما لم يتضح للجنة أن
إجراءات وسائل الإنصاف هذه قد طالت بصورة غير عادية..."‏
وتدعي الحكومة أيضاً‏ أن مرسل البلاغ لم يحاول استنفاد وسائل الإنصاف الداخلية،‏
وأنه آان عليه أن يرسل شكواه إلى الشرطة التي آانت ستحقق بدورها في المزاعم المثارة
وتقاضي الجناة ‏"أمام المحكمة".‏
وتعتبر هذه القاعدة من أهم شروط قبول البلاغات،‏ وفي معظم الحالات تقريباً،‏ فإن
أول شرط تنظر آل من اللجنة والدولة المعنية في مدى تحققه هو ما إذا آانت وسائل
الإنصاف الداخلية قد تم استنفادها،‏ من عدمه.‏
ويكمن المنطق وراء قاعدة وسائل الإنصاف الداخلية في آل من الميثاق وغيره من
الوثائق الدولية في ضمان تهيئة فرصة للدولة المعنية لإصلاح الأمور من خلال نظامها
الداخلي،‏ قبل رفع الدعاوى القضائية أمام جهة دولية.‏ ويحول ذلك دون أن تتصرف اللجنة
آمحكمة من الدرجة الأولى بدلا من أن تكون ملجأ أخيراً‏ وثمة ثلاثة معايير أساسية
يمكن استخلاصها من الطريقة التي تمارس بها اللجنة عملها للوصول إلى هذه القاعدة،‏
وهي:‏ ينبغي أن تكون وسيلة الإنصاف متاحة،‏ وفعالة،‏ وآافية.‏
وتعتبر وسيلة الإنصاف متاحة إذا استطاع مقدم الطلب أن يستخدمها دون عراقيل؛
وتعتبر فعالة إذا آانت بها إمكانية للنجاح؛ وتعتبر آافية إذا آانت قادرة على إنصاف
المشتكي.‏
ومن ثم،‏ سوف يُنظر إلى تأآيد الحكومة بأن مرسل البلاغ لم يستنفد وسائل
الإنصاف الداخلية في ضوء هذه القاعدة.‏ وآما ذآرنا أعلاه،‏ لا تعتبر وسيلة الإنصاف
متاحة إلا إذا استفاد منها مقدم الطلب في ظروف قضيته.‏ وقد قبلت اللجنة بلاغات مقدمي
الطلب لأن المحاآم قد جُردت من سلطة اختصاصها إما بأوامر أو بأنشاء محاآم خاصة.‏
وقد أآدت اللجنة أن الدولة لا تستطيع أن ترتكن إلى مبدأ استنفاد وسائل الإنصاف،‏
التي لا يبدو أنها متاحة،‏ بشكل يضر بمصالح المشتكي.‏ ومن ثم،‏ ففي حالة تجريد المحاآم
من سلطة اختصاصها بموجب أوامر لا يمكن الطعن فيها أو التشكيك في صحتها،‏ آما هي
الحال في القضية موضوع البحث،‏ فإن وسائل الإنصاف لا تعتبر غير متاحة فحسب بل
وغير موجودة أيضاً.‏
وينبغي أن يكون وجود وسيلة الإنصاف مؤآداً‏ على نحو آافٍ،‏ ليس فقط من الناحية
النظرية ولكن من الناحية العملية أيضاً،‏ ولكن في حالة وجودها الغير المؤآد فستفتقر هذه
الوسائل إلى شرطي الإتاحة والفعالية الضروريتين.‏ ومن ثم،‏ إذا لم يتمكن مقدم الطلب من
اللجوء إلى النظام القضائي في بلده بسبب خوف عام على حياته ‏(أو حتى على حياة
أقاربه)،‏ فستعتبر وسائل الإنصاف المحلية غير متاحة بالنسبة إليه.‏
قام الجيش بعزل المشتكي في هذه القضية،‏ وتمت محاآمته غيابياً،فضلاً‏ عن
احتجاز وزراء وأعضاء سابقين في البرلمان من حكومته،‏ وسادت البلاد حالة من الرعب
والخوف على الحياة؛ لذلك،‏ سوف يشكل إلزام المشتكي بالعودة إلى بلده واستنفاد وسائل
الإنصاف المحلية إهانة للفطرة السليمة والمنطق.‏
.(...)
(5)56
.28
...
.29
.30
.31
.32
.33
.34
.35
.36