إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
عقلانية، وهكذا لن يكون من املمكن إقناعنا من دون أن نتذك َّر أو نسمع إحدى الرسائل<br />
الإعلانية.<br />
ويت َّفق العديد من الخبراء على أن الإعلان ليس مقنعًا بالدرجة التي يعتقدها صُ ن َّاعه.<br />
يقول مايكل شدسون في أُولىَ فقرات كتابه «الإعلان: الإقناع الصعب»:<br />
الإعلانات أقل تأثريًا بكثريٍ مما يد َّعي املعلنون وناقدو الإعلانات، والرسائل التي<br />
تقد ِّمها وكالات الدعاية والإعلان تقوم على التخمني واملخاطرة أكثر مما تقوم<br />
على التحليل الدقيق للوعي الجمعي. (شدسون، ١٩٨٤، تمهيد)<br />
أَت َّفق في الرأي مع شدسون؛ فبعد أن عَمِ لتُ في تسع وكالاتٍ إعلانية مختلفة على مدار<br />
٢٣ عامًا، يمكنني أن أعترف بأن صناعة الحملات الدعائية الكبرى تعتمد كثريًا على الحظ<br />
واملصادفة واملغامرة. ربما يرغب املعلنون في أن يَظهَروا بمظهر الخبراء في فن الإقناع،<br />
لكنهم في الحقيقة ليسوا سوى مجموعة من الهُواة املوهوبني، بل لا أترد َّد في أن أقول إن<br />
أي شاب عادي في موعد غرامي سيكون أكثَرَ لباقة ومهارة في فن الإقناع من فريق إبداعي<br />
متوسط القدرات في وكالة إعلانية.<br />
لكن ما دامتِ الإعلانات غري مؤث ِّرةٍ هكذا في إقناعنا، فما الذي يجعل الشركات التي<br />
تستعني بالإعلانات هي الأكثر نجاحًا على مستوى العالم؟ التفسري في رأيي هو أن للإعلان<br />
طُرُقًا للتأثري لسنا على وَعْيٍ بها، وهذه الط ُّرق لا تتضمن الإقناع. ولا يوجد خلاف بيني<br />
وبني شدسون في هذا الصدد أيضً ا؛ فرغم تأكيده على أن الإعلانات ليست على قدْر كبري<br />
من الإقناع، فإنه يقول:<br />
لا يعني هذا أن الإعلانات تفتقر إلى الفعالية. في الحقيقة … قد تكون الإعلانات<br />
التليفزيونية أقوى بكثري؛ لأن املشاهدين قل َّما يلتفتون إليها؛ ومن ثَم َّ لا تنتبه<br />
لها مَلَكات الدفاع النقدي لديهم. (شدسون، ١٩٨٤)<br />
يعتمد شدسون في فكرته على وجهة نظر عالِم النفس هريب كروجمان. أثارتْ<br />
نظريات كروجمان جدلاً خلال سبعينيات القرن املاضي؛ لأنها أشارت إلى أن الإعلانات<br />
التليفزيونية لا تلقَى سوى القليل من اهتمام املشاهدين. وبطبيعة الحال لم تكن صناعة<br />
الدعاية والإعلان لتتقب َّل هذا الرأي بسهولة، وتعر َّضت أفكار كروجمان للتجاهل حتى<br />
10