إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
املنتجات، تضاءل الد َّوْر الذي يَلعَبه املنطق في املُفاضَ لة بني العلامات التجارية.<br />
(باكارد، ١٩٥٧)<br />
شعر باكارد أن التلاعب بمشاعر العميل من جانب املُعلِنني بمثابة استغلال فيه<br />
ظلم له، ولكن من العجيب أن َّ ذلك لم يكن السبب وراء التأثري الكبري الذي حق َّقه الكتاب.<br />
في الفصل الرابع من الكتاب، أشار باكارد إلى بحث كشف عن سبب اختيار شخص ما<br />
لطراز معني َّ من السيارات على نحو متكرر، وكيف أنه تحت تأثري التنويم املغناطيسي<br />
«استطاع تكرار إعلانٍ قرأه منذ ما يزيد عن عشرين عامًا كلمة بكلمة» (باكارد، ١٩٥٧).<br />
وبعد أن أثار مخاوفنا بشأن ضعفنا أمام كل ٍّ من الإعلانات وأساليب التلاعب بالعقول<br />
بما فيها التنويم املغناطيسي، يشري باكارد إلى تجربة نشرتْها صحيفة «صنداي تايمز»<br />
اللندنية. تم َّت هذه التجربة في سينما نيوجريسي وتضم َّنتْ صورًا لآيس كريم تم عرضها<br />
«تحت عتبة الإحساس» (أي تحت مستوى الإدراك الواعي). وكانت النتيجة «زيادة<br />
ملحوظة وغري قابلة للتفسري في مبيعات الآيس كريم» (باكارد، ١٩٥٧). هذه التجربة<br />
كانت تمث ِّل أول إعلان على مستوى اللاوعي يُنشرَ على نطاق واسع.<br />
نعلم الآن أن زيادة مبيعات الآيس كريم كانت بسبب املناخ شديد الحرارة، ونعلم<br />
كذلك أنه تم الخلط بني تقرير باكارد وتجربة ثانية قد َّمها جيمس فيكريي في السنة<br />
نفسها، حيث عُرضت فيها بسرعة ٠٫٣ ملي ِّ ثانية جملتا «اشرب كوكاكولا» و«جوعان؟<br />
تناول فشارًا»، وقيل إن نسبة الاستهلاك لهذين املُنتَجَني زادت بنسبة ١٨٪ و٥٩٪ على<br />
التوالي.<br />
اعترف فيما بعد «فيكريي» بأنها كانت حيلةً دعائيةً من شركته الجديدة سابليمينال<br />
بروجكشن كومباني (نشر في «بويسي» ٢٠٠٢). كما نعلم أيضً ا من واقع خبراتنا أن<br />
الدعاية الخفية — وهي رسائل تُعرض بمعدل تكرار يقل عن ٤٠ ملي ِّ ثانية تقريبًا —<br />
ليس لها أي قوة تأثري على تصرفاتنا، وبالطبع ليس بإمكانها تحقيق تأثري على املدى<br />
الطويل على اختياراتنا للعلامات التجارية. ولكن، كما ذكرتُ سابقًا، سادتْ تلك الفكرة،<br />
وهي لا تزال سائدة حتى يومنا هذا. وبالرغم من حظر الدعاية الخفية في اململكة املتحدة<br />
والولايات املتحدة منذ عام ١٩٥٨، فإن فترة انتخابات الولايات املتحدة عام ٢٠٠٠ قد<br />
شهدتِ انشغال الصحف بإعلان تليفزيوني قام به مرشح الحزب الجمهوري آنذاك<br />
(جورج دبليو بوش) مستهدِفًا به مرش َّ ح الحزب الديمقراطي (آل جور)، وزُعِم أن كلمة<br />
«فأر» دُس َّ ت في الإعلان لتوصيل رسالة خفية (هيث، ٢٠٠١).<br />
34