إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
ما عليك هو أن تجلس في مقعدك وسوف تصلك الإعلانات في فواصل بني البرامج التي<br />
تشاهدها. والأكثر من هذا أنها لن تكون مجرد صور ثابتة، بل عرضٌ مثري كله حركة<br />
وصوت. ففي التليفزيون عناصر تشويق أكثر من الوسيط املطبوع، وهكذا يقول املنطق<br />
إن الإعلانات التليفزيونية ستكون — بديهيٍّا — أكثر جاذبية.<br />
تبدو نظريةً جيدةً، لكن للأسف لم تَثبُت وجاهتُهَا؛ ففي فبراير ٢٠٠٣ نشرت<br />
صحيفة «الإندبندنت» بيانًا صحفيٍّا من كلية لندن للأعمال حول بحث قاموا بتنفيذه<br />
باستخدام كامريات وضعوها في املنازل، وكان عنوان البيان كالتالي: «تقرير حديث من<br />
كلية لندن للأعمال يقد ِّم تحليلاً ملا يقوم به مشاهدو التليفزيون أثناء الفواصل الإعلانية.<br />
ومن املؤسف أن نقول لشركات التسويق إنه قد ثبت أن املشاهدين نادرًا ما يشاهدون<br />
تلك الإعلانات.»<br />
ورغم أن هذا البحث أُجرِي على عدد محدود من العائلات، فإن أبحاثًا أخرى أكدت<br />
على دقة نتائج البحث الذي أَجْرتْه الكلية، بل ذكرتْ أن ذلك البحث قد صو َّر الوضْ ع<br />
على نحوٍ أقل َّ مم َّا هو حادث بالفعل؛ فقد تبني َّ في أوائل ثمانينيات القرن العشرين أن<br />
ما بني ٢٠٪ إلى ٤٠٪ من املشاهدين يغادر الغرفة عند بداية الفاصل الإعلاني (سولي،<br />
في تسعينيات القرن ذاته أن ثلثي املشاهدين ينشغل بنشاط آخَ ر أثناء<br />
مشاهدة التليفزيون (كلانسي، ١٩٩٤). وبحلول عام ١٩٩٤، ذكرت دراسة أن نصف<br />
عدد املشاهدين لا يرغب في الإعلانات التليفزيونية (ميتال، ١٩٩٤). أما في القرن الجديد،<br />
فقد أظهرت دراسة أن مَن يشاهدون البرامج التليفزيونية املسج َّلة سابقًا يَعمِ دون إلى<br />
تجاهل الفواصل الإعلانية تمامًا والانتقال باملؤشر إلى ما بعد الفاصل (جوتزل، ٢٠٠٦)؛<br />
أيْ إننا قد نَهوَى مشاهَ دة البرامج التليفزيونية، بل وربما نحب برامج تتحدث عن صناعة<br />
١٩٨٤)، وتبني َّ<br />
الإعلان، ولكننا نفض ِّ ل أكثر الدردشة مع أفراد العائلة، أو عمل الشاي، أو تفق ُّد البريد<br />
الإلكتروني، أو مداعبة كلب، على مشاهدة الإعلانات نفسها.<br />
فما هو تفسري عدم رغبتنا في التفاعُل مع الإعلان التليفزيوني؟ أثناء إصرار صناعة<br />
الإعلان على رفض أفكار كروجمان وإرينبرج، طرح أكاديمي ُّو علم النفس تفسريًا مختلفًا؛<br />
ففي عام ١٩٨٢، أشار اثنان من علماء النفس بجامعة أوهايو، وهما ريتشارد بيتي<br />
وجون كاتشوبو، إلى أن مدى الاهتمام بمجال منتج ما هو املسئول عن الطريقة التي<br />
يتعامل بها املتلق ِّي مع الإعلان، وهو الأمر الذي أد َّى إلى صياغة ما يُعَد ُّ «الإسهام النظري<br />
60