إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
التعل ُّم والانتباه<br />
ويكتسب تعريفا الانتباه أهميةً كبرى عندما نشرع في التفكري في آلية معالجة الإعلان.<br />
تخيل مثلاً أنك جالس أمام شاشة التليفزيون تشاهد مباراة كرة قدم وقد وضعتَ على<br />
رِجْليك جهاز كمبيوتر محمولاً ، وخلال دقيقة تُوليِ انتباهً ا اتجاهيٍّا عاليًا إلى الشاشة<br />
وتبذل مستويات عالية من الجهد الإدراكي، وخلال الدقيقة التالية يأتي فاصل إعلاني<br />
فتصرف ناظريك عن الشاشة وتنتقل لتفَق ُّد بريدك الإلكتروني. وهكذا يهبط مستوى<br />
انتباهك للشاشة التليفزيونية فورًا إلى الصفر.<br />
الآن تخيل أن الكمبيوتر ليس معك، عند ظهور الفاصل الإعلاني تستمر في النظر<br />
إلى شاشة التليفزيون، ولكن َّ عقلك غري حاضر، فربما تفكر في آخِ ر هدف تم تسجيله،<br />
أو في املكان الأنسب لقضاء العُطلة. وفي هذا املوقف يكون الانتباه الاتجاهي عاليًا ولك َّن<br />
مقدار الجهد الإدراكي الذي تبذله إزاء الإعلان منخفض جدٍّا. وهكذا لا يتلق َّى الإعلان<br />
سوى مستوًى متدن ٍّ من الانتباه.<br />
لِنتناولِ الآن موقفًا ثالثًا: هذه املرة معك الكمبيوتر املحمول، وتصرف ناظريك عن<br />
شاشة التليفزيون وقت الفاصل الإعلاني، ولكنك هذه املرة تسمع وربما تلمح بني الحني<br />
والآخر ما يُعرَض من إعلانات، حتى لا تفوتك بداية املباراة. في هذا املوقف يكون الانتباه<br />
الاتجاهي مضطربًا ومستوى الجهد الإدراكي متوسطًا. وقد يبدو الأمر معقدًا جدٍّا، ولكن<br />
هذا هو الواقع الذي علينا أن نتعامل معه حينما نفكر في آلية التعامل مع الإعلان.<br />
ولا بد من الإشارة إلى أن كلاٍّ من كريك ولوكهارت — على غرار إبينجهاوس —<br />
يؤكدان في الأصل على أن املعالجة العميقة ينجم عنها دومًا ذكريات أكثر وضوحًا وثباتًا،<br />
ويوردان العديد من التجارب، ومنها تجربة عام ١٩٦٤ التي أجراها تريسمان، وفحواها<br />
«إذا كان هناك انتباه للرسالة، فعندئذٍ يمكن معالجة املزيد من املواد املهمة ذات املعنى؛<br />
ومِن ثَم َّ الاحتفاظ بها لفترة أطول» (كريك ولوكهارت، ١٩٧٢). على أن أيزنك تحد َّى<br />
هذا التأكيد بعد ذلك بست ِّ سنوات (١٩٧٨)، فكان عليهما القبول بأن «فكرة املعالجة<br />
العميقة في حد ذاتها غري كافية ملنحنا توصيفًا مناسبًا لعمليات الذاكرة» (لوكهارت<br />
وكريك، ١٩٧٨). وفيما بعد، راجع لوكهارت وكريك وجهة نظرهما القائلة بأن املعالجة<br />
الضحلة تؤدي إلى النسيان السريع، وسل َّما بأن املعالجة الضحلة للمعلومات الحسية قد<br />
تستمر «لساعات، ولدقائق، بل وحتى لشهور» (لوكهارت وكريك، ١٩٩٠). وأنا أذكر<br />
هذا لأن علم النفس بتعريفه يتعامل مع تأكيدات عن <strong>العقل</strong> تشكل الحس السليم، ولكن<br />
79