إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
الحجة املضادة<br />
في عام ١٩٨٤، وضع بروك وشافيت ما يُسم َّى بنموذج الاستجابة املعرفية للإقناع. وفي<br />
هذا النموذج افترضَ ا أن قدْرة التواصل على إقناع الفرد لا تكمن في مجرد تذكر الرسالة،<br />
ولكن في تفسريها بأسلوبه الخاص وتكرارها في ذهنه ثم تذك ُّره ملا كر َّره. وتشري وجهة<br />
نظرهما إلى أن:<br />
تأثري التواصل على الإقناع يعتمد على مدى قدرة الفرد على التعبري عن أفكاره<br />
بوضوح وتكرارها في ذهنه. (بروك وشافيت، ١٩٨٣)<br />
وبعبارة أخرى، يُعتَبرَ تكرار املرء لأفكاره الخاصة في ذهنه عنصرًا أكثر حسمًا في<br />
استمرار حالة الإقناع من مجرد استحضار الحجج الخاصة بالرسالة في ذهنه. وبالطبع<br />
يتطلب هذا الأمر توجيه الكثري من الانتباه للإعلان والفهم التام للرسالة والاستغراق فيها.<br />
والآن، قد تسأل أين هي آلية الدفاع في هذا الأمر؟<br />
الجواب بسيط على نحوٍ يدعو للدهشة، فاملشكلة التي اكتشفها بروك وشافيت<br />
بخصوص هذا املستوى العالي جدٍّا من الانتباه هي أنه يمكن أن يؤدي بسهولة جدٍّا<br />
لظهور الحجة املضادة. ببساطة، كلما فكرتَ أكثر في الاد ِّعاء الذي يطرحه الإعلان<br />
بخصوص علامة تجارية معينة، سهُل عليك أكثر معارضة هذا الادعاء.<br />
لنأخذ على سبيل املثال الاد ِّعاء بأن كريمات البشرة تخف ِّف تجاعيد املرأة وتجعلها<br />
تبدو أكثر شبابًا. يقودُك التفكري لبضع دقائق إلى إدراك حقيقة أنه لو كان هذا الأمر<br />
صحيحًا، لتم َّتْ إذاعته في جميع وكالات الأنباء باعتباره إنجازًا علميٍّا مذهلاً . ومن ناحية<br />
أخرى، فإن وضع املرأة أي كريم قديم على وجهها وفركه قد يجعل بشرتها أكثر مرونة<br />
وليونة، وقد يزيل التجاعيد مؤقتًا؛ لذلك، سواء كان الأمر صحيحًا أم لا، هناك سببان<br />
قويان للغاية لعدم تصديق ما يد َّعيه املعلنون.<br />
ومع ذلك، فإن هذا لا يمنحنا — نحن املستهلكني املحاصرين — مستوًى كافيًا من<br />
الارتياح؛ حيث إنه، من أجْل استخدام الحجة املضادة لأحد الاد ِّعاءات، لا يتوج َّب علينا<br />
السماح لأنفسنا بتفصيل وتفسري جميع الرسائل املقدمة إلينا في الإعلان فحسب، ولكن<br />
يجب علينا بعد ذلك قضاء املزيد من الوقت في دراستها ورفضها. وبصراحة، لا يرغب<br />
الكثريون من الأشخاص عدا أولئك الذين يعملون في صناعة الإعلان، في قضاء أوقاتهم في<br />
التفكري في الدعاية والإعلان بهذا القدْر الكبري من التفاصيل.<br />
116