إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
نظرية املسودات املتعددة<br />
يصف دانيال دينيت املشكلة في كتابه «تفسري الوعي» (١٩٩٣). وتتلخص نظرية دينيت<br />
في أن عقولنا تصيغ ما يسميه مسودات متعددة باستمرار. وهذه املسودات عبارة عن<br />
مجموعات من الأفكار، بعضها فقط «يصنع» ما نطلق عليه الوعي؛ لذلك، وفي الحالة<br />
املذكورة أعلاه، إذا لم يسألنا أحد عم َّا نفك ِّر فيه، فمن املحتمل جدٍّا أن يتم تنفيذ العمل<br />
الخاص بإضافة الحليب دون وجود شيء يتم نقله على ما يبدو إلى عقولنا الواعية.<br />
وبالطبع، إذا كنتَ تتصور أن لون الشاي كان داكنًا جدٍّا، وهو تصو ُّر يرتبط<br />
بمفهوم مذاق الشاي الذي يكون مُرٍّا وقويٍّا جدٍّا، فإنك قد ترفع أيضً ا هذه املجموعة<br />
من الأفكار إلى مستوًى أعلى من الوعي، مع إيلائها املزيد من الاهتمام، وإضافة املزيد<br />
من الحليب بحرص؛ لذا فما الذي يقرر أي مجموعة من الأفكار تحقق الوعي، وما هو<br />
مستوى الانتباه الواعي الذي تتلقاه هذه املجموعات من الأفكار؟<br />
كما أوضحنا سابقًا، فإن الرأي الثابت هو أن هناك مهمة تنفيذية من نوعٍ ما<br />
تتم في عقولنا، وهي تحدد ما إذا كن َّا سننقل شيئًا ما إلى الوعي أم سنتركه في اللاوعي.<br />
يعتقد دينيت أن هذا «املكان الذي يتم فيه التفكري ويحدث فيه الوعي» بشكل افتراضي<br />
(دينيت، ١٩٩٣) يشبه املسرح الديكارتي (مرحلة ما بعد ديكارت الذي اعتبر التفكري<br />
بمثابة النشاط املميز للبشر). وفي رأي دينيت فإن هذا املسرح الديكارتي ببساطة ليس<br />
له وجود. وكما قال دينيت: «إن فكرة وجود مركز خاص في الدماغ هي فكرة سيئة<br />
ومستعصية تفسد محاولاتنا للتفكري في الوعي.» (دينيت، ١٩٩٣) وقال لاحقًا: إنه «لا<br />
يوجد ما يُسم َّى باملسرح الديكارتي» (دينيت، ١٩٩٣).<br />
ما يؤمن دينيت بحدوثه هو أن <strong>العقل</strong> اللاواعي يُدِير جميع جوانب نشاطنا الذهني<br />
ويُصدِر جميع قراراتنا، ولا يتم إلا عرض بضعةٍ من تلك القرارات على تفكرينا الواعي<br />
بعد ذلك. وهكذا يصف دينيت الأمر:<br />
لا يوجد «تيار وعي» واحد محدد؛ لأنه لا يوجد مكان مركزي ولا مسرح<br />
ديكارتي «تحدث فيه جميع عمليات التفكري». وبدلاً من وجود تيار واحد،<br />
توجد قنوات متعددة تحاول فيها دوائر خاصة، في صخب موازٍ ، أن تقوم<br />
بالأشياء املختلفة املتعلقة بها، وصياغة مسودات متعددة في غضون ذلك.<br />
وتلعب معظم هذه املسودات املجز َّأة أدوارًا قصرية الأجل في تعديل النشاط<br />
الحالي، ولكن بعضها يرتقي ملزيد من الأدوار الوظيفية. (دينيت، ١٩٩٣)<br />
146