إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
الإشكالية التي نواجهها هنا هي أن الإعلان لا يتبع قواعد إبينجهاوس. لو أنك<br />
تتذكر، إنني قد أشرتُ في الفصل الثاني إلى تجربة فستينجر وماكوبي (١٩٦٤)، التي<br />
توص َّ لا من خلالها إلى أن عرض فيديو «غري ذي صلة» بموضوع الإعلان التليفزيوني<br />
يؤدي في الحقيقة إلى تعزيز تعل ُّم الرسالة مقارنةً بعرض فيديو «له صلة» بموضوع<br />
الإعلان. وقد وجدنا في نهاية الفصل السابق أن مَن لم يتذكروا الإعلان (ومِن ثَم َّ لم<br />
ينتبهوا كثريًا على الأرجح إلى الإعلان) قد تأثروا به — على ما يبدو — أكثرَ مم َّن تذكروا<br />
الإعلان (ومِن ثَم َّ «كانوا» قد انتبهوا إليه على الأرجح). يبدو الأمر كما لو أننا نتعلم رسالة<br />
الإعلان وعباراته املميزة بصورة أفضل حينما نكون غري منتبهني إليه لا حينما نكون في<br />
ذروة انتباهنا، فكيف يحدث ذلك؟<br />
أحد الأسباب هو أن تعل ُّم أشياء عن العلامات التجارية أمر يختلف عن تعل ُّم<br />
معلومات في املدرسة، واملصطلح الذي قد يبدو بسيطًا «معرفة العلامة التجارية» يحتاج<br />
إلى أن يشمل ما هو أكثر من الشعارات وخصائص املنتج ومزاياه؛ فهو بحاجة، على<br />
سبيل املثال، إلى أن يشمل مجموعة كبرية وكاملة من الأفكار والإشارات املتنو ِّعة، بدءًا من<br />
رائحةٍ أو طعمٍ فريدٍ لعلامة تجارية معينة، ووصولاً إلى شكل وألوان العبوة أو الشعار.<br />
كل هذه أمثلة عن املعلومات التي نتلق َّ اها والتي تساعدنا على التعرف على العلامات.<br />
فعلى سبيل املثال، نجد أن اللون الأحمر مهيمن على إعلانات كوكاكولا بينما الأزرق هو<br />
اللون املفض َّ ل لدى شركة بيبسي في علب مشروباتها، وهذه في حد ذاتها «رسائل» تزيد<br />
من معرفتنا بالعلامة التجارية، حتى ولو كان معنى تلك الرسائل غري واضح.<br />
ومن منطلق هذا التعريف، يكون من الواضح أننا عُرضة في كل يوم إلى آلاف<br />
الرسائل التي تعر ِّفنا بعلامات تجارية؛ فمثلاً عندما ندخل الحمام صباحًا ونلتقط<br />
معجون الأسنان فإننا طواعيةً نتلقى رسائل عن هذا املعجون. فحتى لو نظرنا إلى املنتج<br />
بلا تركيز فسوف نتذكر شعار العلامة التجارية وألوان العبوة وربما عنصرًا أو اثنني<br />
من عناصر التصميم. وأضف إلى ذلك بقية العبوات التي قد تكون ظاهرة في الحمام،<br />
وتلك التي قد نراها في املطبخ عند تناول الإفطار، وتلك التي نراها في واجهات املحال ِّ في<br />
طريقنا إلى العمل أو ونحن نتسو َّق. وهكذا نرى أننا محاطون باستمرار بمعلومات عن<br />
العلامات التجارية، ومعظمها لا يُعتَبرَ طبعًا ذا أهمية بالنسبة لنا. أعني، هل حقٍّا يهمك<br />
ويشغل بالك لون علبة املياه الغازية؟<br />
76