25.12.2016 Views

إغواء العقل الباطن

27926268

27926268

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />

لم يكن املبر ِّر الذي حدا بداماسيو إلى أن يَروي هذه القصة البشعة هو إضفاء<br />

مسحة درامية على كتابه املتميز ‏«خطأ ديكارت»،‏ ولكن َّ السبب الذي دفعه لذلك هو<br />

أن الإصابات التي عانَى منها فينياس جيج أسفرتْ‏ عن حدوث تغري ُّ ٍ شديد الأهمية في<br />

سلوكه؛ فبعد أن كان شخصً‏ ا كفئًا وقادرًا ولديه القدْرة على التركيز الشديد،‏ أصبح<br />

‏«متقلبًا ومتذبذبًا»‏ وغري قادر تمامًا على الفهم أو التحكم في عواطفه.‏ الأهم من ذلك<br />

كله أنه تحول إلى شخصٍ‏ ليست لديه القدرة على التخطيط ملستقبله ككائنٍ‏ اجتماعي،‏<br />

بعد أن كان ‏«مفعمًا بالطاقة والنشاط ولديه الإصرار على تنفيذ جميع خططه العملية»‏<br />

‏(داماسيو،‏ ١٩٩٤). كما أن الجرح الذي أصابه،‏ في الحقيقة،‏ قد جر َّده من القدرة على<br />

اتخاذ القرار.‏<br />

استند داماسيو إلى تجربة مر َّ بها أحد مرضاه ‏(إليوت)،‏ الذي فقدَ‏ هو أيضً‏ ا قدرته<br />

على التحكم في عواطفه وعلى اتخاذ القرار نظرًا لإصابته بورم،‏ ليستنتج أن ما حدث لك ٍّل<br />

من إليوت وجيج لم يكن نتيجةً‏ لفقدان ما قد يُطلَق عليه الوظيفة املعرفية،‏ أو ‏«الذكاء»؛<br />

ففي كلتا الحالتني،‏ لم يتضرر سوى جزء ضئيل للغاية من الدماغ،‏ وهو املادة البيضاء<br />

التي لا تمث ِّل أي َّ أهمية خاصة للوظائف التي نقوم بها كبشر.‏ قام داماسيو أيضً‏ ا بفحص<br />

١٢ حالة مرضية أخرى تُعانِي من التلف الدماغي نفسه،‏ ووجد أن جميعها كان يُعاني<br />

من ‏«قصور في القدْرة على صنع القرار وضعف العاطفة والشعور»‏ ‏(داماسيو،‏ ١٩٩٤).<br />

وخلال سعْيِه لوضْ‏ ع تفسري لهذا،‏ تبن َّى داماسيو فكرة وجود جهازٍ‏ ‏«حوفي»‏ في<br />

املخ،‏ وهو تصو ُّرٌ‏ وضَ‏ عَه بول ماكلني (١٩٥٢) لتمثيل الدماغ الأصلي للثدييات.‏ يقع هذا<br />

الجهاز الحوفي تحت القشرة الدماغية الجديدة الأحدث تطورًا،‏ وهي ذلك الجزء من القشرة<br />

الدماغية الذي تطور ليمنحنا قوى التفكري الفريدة.‏ كما أن هذا الجهاز الحوفي الذي<br />

يُعرف أيضً‏ ا بالدماغ ‏«الحشوي»،‏ كان مسئولاً‏ في الأساس عن الوظائف الغريزية وتلك<br />

املتعل ِّقة بالبقاء على قيد الحياة ‏(على سبيل املثال،‏ الخوف،‏ والدافع الجنسي،‏ والجوع)،‏ كما<br />

يضم هذا الجزء من الدماغ مركز معالجة املشاعر.‏ ونظرًا لأنه نشأ في الأساس باعتباره<br />

جزءًا من الجهاز الدفاعي للجسم،‏ فإن الجهاز الحوفي يعمل بطريقةٍ‏ استبصارية وآلية،‏<br />

وإذا لم يفعل ذلك،‏ فربما الْتَهَمَتْنا الحيوانات املفترسة وتعرضنا للانقراض منذ وقت<br />

طويل.‏<br />

توص َّ ل داماسيو إلى استنتاجٍ‏ مفاده أن التلف الذي حدث للمادة البيضاء التي تبدو<br />

غري مهمة قد أد َّى إلى قطع الاتصال بني القشرة الدماغية الحوفية والقشرة الدماغية<br />

176

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!