إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
<strong>إغواء</strong> <strong>العقل</strong> <strong>الباطن</strong><br />
لكن كل شيء لا يعود إلى طبيعته فعليٍّا. سوف تجد نفسك تتوقف تلقائيٍّا وتنظر<br />
عن كثَب وأنت تعبر الطريق. قد تتذكر حادث التصادم الوشيك هذا، أو قد يمر بخاطرك<br />
لفترةٍ وجيزة — على حسب وصف دينيت، يدركه الوعي ملدةٍ قصرية، ليتم نسيانه سريعًا<br />
— أو ربما لا تتذكره على الإطلاق. ولكن السبب وراء توقفك والنظر بعناية، سواء كنت<br />
مدركًا حدوث ذلك أم لا، يتمثل في أن الحادثة قد جعلت «جسدك» يصنع «واسمًا» يؤث ِّر<br />
على سلوكياتك املستقبلية أثناء عبور الطريق.<br />
أطلق داماسيو على الواسمات التي نشأتْ بفعل هذا النوع من التجارب والخبرات<br />
الاستدلالية اسم الواسمات «الجسدية»، حيث إنها مستمَد َّة من الكلمة الإغريقية «سوما»<br />
وتعني الجسد. جدير بالذكر أنه اعترف باستخدامه هذا املصطلح للتعبري عن الجسد<br />
بمفهومه الشامل، بما في ذلك «<strong>العقل</strong>». وفيما يلي وصفه للواسمات الجسدية:<br />
تُعَد ُّ الواسمات الجسدية مثالاً خاصٍّ ا على املشاعر التي تم ربطها عبر التعلم<br />
بالنتائج املستقبلية املتوق َّعة في سيناريوهاتٍ محددة. عندما يرتبط واسمٌ<br />
جسدي سلبي بنتيجة معينة في املستقبل، فإن هذا الربط يصبح بمثابة جرس<br />
إنذار، وعندما يكون الارتباط بواسم جسدي إيجابي، يصبح هذا الارتباط<br />
بمثابة شعلة للتحفيز. (داماسيو، ١٩٩٤)<br />
يعتقد داماسيو أننا نُنشئ هذه الواسمات على نحو مستمر طوال حياتنا، ولكننا<br />
دائمًا لا ندركها أو ندرك تأثريها. «تعمل الواسمات الجسدية أحيانًا على نحو خفي (دون<br />
أن تتوارد إلى الوعي)، أو قد تستخدم استجابة جسدية تقديرية» (داماسيو، ١٩٩٤).<br />
بعبارةٍ أخرى، من املمكن جدٍّا أن تنظر بعناية كبرية وأنت تعبر الطريق بعد وقوع حادث<br />
تصادم لك، ولكن بعد فترة سوف تنسى «سبب» قيامك بهذا، أو أنك تقوم به أصلاً .<br />
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما هي الصلة التي يمكن أن تتواجد بني فرضية<br />
الواسمات الجسدية واختيار العلامة التجارية والإعلان؟ أستطيع القول بأنها «صلة<br />
قوية» فنحن في مسار حياتنا قد تعرضنا ملئات الآلاف من املعلومات املتعلقة بالعلامات<br />
التجارية، وإنْ صح َّ ما يقوله داماسيو فإن كل معلومة من هذه املعلومات قد نَقَشَ تْ في<br />
وجداننا ألوانًا شت َّى من العلامات العاطفية، حيث يكون منها التافه من الناحية العاطفية<br />
الذي قد يكون له تأثري بسيط أو لا يُذكَر على سلوكنا، ومنها ما يحتل ُّ أهمية عاطفية<br />
كبرية ويترك انطباعًا دائمًا في وجداننا.<br />
178