إغواء العقل الباطن

أفكار بديلة
من الظاهر لدَيْنا أن نظرة جونز للطريقة التي بلغتْ‏ بها صناعة الإعلان ذلك
قد تغري َّ ت قليلاً‏ عن نظرة الباحثني التحفيزيني إب َّان ستينيات القرن العشرين.‏ وصف
جونز صناعة الإعلان باستخدام القدْرة الإبداعية في ‏«دس ِّ « املزيد من املعلومات في
عقول ‏«املستهلِكني البسطاء والحَمْقَى عن طريق استغلال الأساليب النفسية التي تحط ِّم
قدرات املستهلكني الفكرية،‏ وفي بعض الأحيان لا تتمكن هذه الأساليب من اقتحام عقول
املستهلكني»‏ ‏(جونز،‏ ١٩٩٠)، وهو ما يتناقض تمامًا مع نظرة إرينبرج للمستهلك:‏
من الطبيعي ألا َّ يكون املستهلِكون جاهلني باملنتجات التي يشترونها كثريًا،‏
فهم يتمتعون بخبرة كبرية تتعلق باستخدام تلك املنتجات،‏ ومِن ثَم َّ يهم ُّون
بشرائها على الفور.‏ وكما أوضحنا سابقًا،‏ يتمتع املستهلكون بتجربة مباشرة
تتعلق باستخدام أكثر من علامة تجارية واحدة علاوةً‏ على تجارب غري مباشرة
نقلوها عن آخرين.‏ تُعَد ُّ رب َّات البيوت هن الأكثر خبرة في شراء املنتجات
الاعتيادية مقارنةً‏ بمستهلكي املنتجات الصناعية الذين يشترون محطة طاقة
ذرية على سبيل املثال ‏(إرينبرج،‏ ١٩٧٤).
وبطبيعة الحال كان جوهر الخلاف بني جونز وإرينبرج يتمثل في تغيري التوجهات،‏
فكان جونز يرى أن صناعة الإعلانات قائمة أساسً‏ ا على تغيري التوجهات،‏ وهو ما يؤدي
إلى تغيري السلوك.‏ ولكن إرينبرج كان يرفض،‏ كما أوضحتُ‏ سابقًا،‏ الفكرة القائلة بأن
تغيري التوجهات لا بد أن يسبق عملية الشراء:‏
يبدو أن هناك اتفاقًا على الفرضية القائلة بأن تحسني توجهات غري املستفيدين
من علامة تجارية معينة يجب أن يجعلهم يُقبِلون على استخدامها أو على الأقل
يكونون أكثر ميلاً‏ لاستخدامها.‏ ولكن هذه الفرضية تعني أن توجهات الناس
أو آراءهم بخصوص علامة تجارية معينة قابلة للتغيري،‏ وأن هذه التوجهات
يجب أن تسبق التغيري املرغوب في السلوك؛ ومن ثَم َّ قل َّما توجد — أو قد لا
توجد مطلقً‏ ا — أدلة تدعم تلك الفرضيات.‏ ‏(إرينبرج،‏ ١٩٧٤)
يجدر القول هنا بأن صناعة الإعلان لا تقتصر فقط على أفكار كروجمان وإرينبرج؛
ففي عام ١٩٩٩، ظهر بحثٌ‏ علمي ٌّ يدرس آلية عمل الإعلان،‏ وتم َّ نشره في أكبر مجلات
الإعلانات على مستوى العالم،‏ وقد رك َّز هذا البحث العلمي على ‏«النظريات التي تتبن َّى
55