إغواء العقل الباطن
27926268
27926268
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
آلية التواصل<br />
لكن عند تحريكها أكثر من ١٠ سنتيمترات، لن يمكنك فعليٍّا تمييز أي شيء. رغم ذلك<br />
ليس هناك شك في أن َّ إدراكًا حسيٍّا من نوعٍ ما لا يزال يتم. مدى جودة هذا الإدراك<br />
الحسي تعتمد كثريًا على كيفية تعامل دماغنا مع تلك املنطقة، كما يمكن بيانه بالقصة<br />
التالية:<br />
قبل بضع سنوات، أَجرَيْتُ تجربةً لبحث الكيفية التي يَقرَأ بها الناس الصحف،<br />
ولكي أقوم بهذا، طلبتُ من املشاركني في البحث ارتداء آلة تصوير عينية خفيفة الوزن<br />
مثبتة على الرأس ومتصلة بشاشة تليفزيونية. ومن خلال متابعة الخطني املتعامدين<br />
الظاهرين على الشاشة والدال َّنيْ على موضع تركيز كل مشارك، أمكن تحديد أي جزء من<br />
الصحيفة بالضبط يركزون عليه أبصارهم وهم يتصفحونها.<br />
كانتْ إحدى املشارِكات في أوائل الأربعينيات من عمرها، وقد لاحظتُ شيئًا غريبًا<br />
جدٍّا في سلوك قراءتها؛ كانتْ ترك ِّز على عنوان املقالة، ثم تنظر نحو ٦ بوصات إلى اليسار<br />
وتبدأ في التتبع إلى أسفل كما لو كانت تقرأ املقالة. املشكلة الوحيدة تمث َّلتْ في أنه لم يكن<br />
هناك شيء تقرأه حيث كانت تنظر.<br />
استمرت في فعْل هذا حتى انتهتْ من قراءة الصحيفة، ثم سألتُها عما إذا كانتْ<br />
تُعانِي من أي مشكلة في عينيها. أجابتْ أنها أُصيبتْ في وقت مبك ِّر بشكْل من أشكال<br />
التنكس البقعي، حيث املستقبلات في املنطقتني الن ُّقْرِية واملجاورة للنقرة (أي أجزاء العني<br />
القادرة على رؤية التفاصيل) توق َّفتْ عن العمل. وكان معناه أنه يمكنها تبني ُّ الكلمات<br />
الكبرية بالنظر إليها مباشرة فقط، فكان عليها أن تُعل ِّم نفسَ ها قراءة الكلمات الصغرية<br />
باستخدام الرؤية املحيطية.<br />
ما يَعنِيه هذا أمر مدهش جدٍّا؛ فعلى الرغم من أننا «نعتقد» أن قدرة الرؤية املحيطية<br />
على املعالجة ضعيفة، يتضح على ما يبدو مما استطاعت هذه املرأة فعله أن هذا مجرد<br />
شيء تخبرنا به أدمغتنا، فمن املحتمل جدٍّا أننا قادرون على إدراك الأشياء حسيٍّا على نحو<br />
جيد جدٍّا في نطاق رؤيتنا املحيطية، لكن أدمغتنا تُوهِ منا بأننا عاجزون عن ذلك لكي<br />
تمك ِّننا من أن نُحس ِّ ن من درجة تركيزنا على التفاصيل في املنطقتني الن ُّقْرِية واملجاورة<br />
للنقرة.<br />
وباملناسبة، هذه واحدة فقط من عدد من الخدع والأوهام التي تمارسها أدمغتنا<br />
علينا. على سبيل املثال، كما سنناقش لاحقًا، تتحرك عيوننا عبر مجال رؤيتنا في حركات<br />
سريعة تسمى رمشات، لكن أدمغتنا تعوض هذه القفزات وتجعل الأمر يبدو وكأننا<br />
109